القدس في عيوني مشرف متميز
عدد الرسائل : 210 العمر : 38 العمل/الترفيه : طالبة علم شرعي مبتدئة المزاج : مزاج من عمره ينقص و ذنبه يزيد السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 13/10/2008
| موضوع: مسافر مر بأرض الجراح الخميس أكتوبر 30, 2008 9:53 pm | |
| مسافر مر بأرض الجراح ما هي إلا عبارات قد لا تكون أبيات شعر..و لا جمل نثر ,إنما مجرد كلمات اصطدمت بخاطري ..فتمرد قلمي وأبى إلا أن يرميها على ورق ..و لست أعلم إذا ما كنت لها بأهل..تروي حكاية مسافر يجوب و يسعى بين أقطار الأرض حتى يستقر به الحال في مسكنه الذي هيأ له كما فعل بمن قبله . يسير متلفتا يمنة و شمالا تارة ..ويضل و يهتدي أخرى ..يتعب وينهك من أشعة شمسها المحرقة و قسوة تضاريسها تارة ..و يستريح و يلجأ إلى ظل أشجارها ووفرة نعيمها أخرى .. يصعد و يركض في أرجائها حينا و يتعثر و يسقط حينا آخر, سُقي فيها مرارة الغربة و الجوع و الحزن أياما وأياما.. و لذة الآلفة و ا لأخوة و الأمل أياما أخرى .. وهو على حاله تلك إلى أن أتى عليه يوم كان فيه سائر كعادته حتى بدأ يطرق سمعه صوتا أشبه ما يكون بأنين.. أجل أنين و آهات و توجع, لم يعره أي اهتمام بادئ الأمر لكنه كلما خطى خطوة ارتفع ذلك الصوت أكثر فأكثر و أكثر. حاول تجاهله و أصر على ذلك لكنه لم يستطع ..فقد اشتد توجع و تألم صاحبه أو صاحبته حتى كادت تندك له الجبال و تنشق على إثره الصخور, فما بالنا بإنسان هو أضعف ما يكون من هؤلاء.. و ما لبث حتى نطق صاحب الصوت يخاطبه : يا ذاك الذي تسير في هذه الأرض لا تعلم ما تفعل ولأجل ماذا تسعى ..لماذا تغمض عيناك عني بجفون اللامبالاة و تسد أذناك عن أنيني بأصابع الغفلة ؟!!..أما علمت أن توجعي هذا بكت لأجله السماء حزنا , و ثارت الأرض غضبا ,و تصدعت الجبال تألما و ما أراك إلا أهون و أضعف منهم .. لماذا لا تجيب ؟؟..أجبني . عجبت لك كيف تدّعي أنك تسلم لرب العباد و تقتدي بخير الأنام و لم تمتثل لأي وصية وصوك بها عني أبهذا وصوك تفعل بي ؟!!..هيا أجبني . و ما لي أسمع بني جنسك يتغنون برجال صنعوا مجدي من قبلكم ولم تدفعوا أنتم لذلك سبيلا ..و قالوا ولا أرى لقولهم شقوا طريقا فمنهم من قال : جُنّ اليهود و قد رأوا عمرًا *** قد عاد و حربته بيمينه هذا الزمان زمانـــــنا قدرا *** و إذا الظلام أبى حرقناه فلما لا أبصرهم اليوم جنّوا..و لم أرى عمرا عاد..ومنهم من يلقي عليّ بين الحين و الأخر سلامًا ,و يرتل كلامًا حتى أحسبه صلاحًا قد أقبل وعاد. التفت المسافر عن يمينه و شماله متعجلا يبحث عن من يخاطبه و يسأله من يكون؟ فردت صاحبة الأنين و قالت:وحسرتاه أما عرفتني ؟؟!! .. أنا التي خص لي رب الكون إحدى عشر موضعا من كتابه أو يزيد . أنا من تطيب ثرى أرضي بوطء قدمي خير من ولدت الأمهات ليلة أسري به , و تزينت سمائي و اكتست ثوب الفرح و هو يعرج إليها . أنا التي إذا غابت الشمس و فارقت كبد السماء أنارت قبتي أرض الجراح. و أنا التي صنع رجال صدقوا الله ما عاهدوا عليه مجدي في الماضي البعيد و أنا التي أضحى اليوم ثرى أرضي مدنسا بأقدام نذل القرود. أما زلت بعد هذا تجهلني ؟؟...أجبني . أم أزيدك لعلك تستفيق من غفلتك و تعرفني من أكون؟؟!!.. آآه ..أنا التي كان ومازال فلذات أكبادي يتفننون في تجرع أكواب المأساة باختلاف أصنافها . فهم أولائك الذين أصبحوا غرباء ,و ضلوا جوعا , و أمسوا جرحى, و باتوا يتّما . أنا التي بكيت حتى ما عاد الدمع يعرف طريقا إلا إليّ . وأنا التي اعتادت جراح الكون ألفتي ومودتي فأبت إلا أن تتخذ جسدي سكنا لها و موطنا . أنا التي لم يطمأن طائر الآلام إلا و هو يتخذ بين أحضاني وكرا يؤويه ..و لا أخفي عليك أني تمنيت كثيرا أن يفعل كما تفعل باقي الطيور و يهاجر إلى أرض غير أرضي ..ويأوي إلى حضن غير حضني. طأطأ المسافر رأسه و ملامح الخجل ترتسم على وجهه لأنه علم الآن من تخاطبه , و همَّ بأن ينطق معتذرا لها فقاطعته وواصلت حديثها قائلة له: -ألست القادم من أرض فاح عطر دماء أبرارها يوما أقطار الكون فاستنشقته جميع المخلوقات ؟.. تلك الأرض التي لم يملك رجالها بُدًّا إلا دفع أرواحهم ثمنا لتطهيرها من دنس الأوغاد فخطو بذلك تاريخا حافلا بأروع قصص البطولات ..أجب. ..أجل ما أظنك إلا قادما منها . أخبرني لما لم تسر على ما ساروا عليه ..ألم يأتمنك أجدادك علي كما ائتمنهم أجدادهم من قبلك فصانوا أرضهم و صانوني ..ألم يوصيك أحد صناع مجد أرضك بأني وديعة نبيك عندك ,وأمانة عمر في ذمتك ,وعهد دينك في عنقك ,وانه لو أخذها القردة والخنازير منك و من إخوانك فإنكم إذا لخاسرون . فما لي لا أرى غير هذا الأخير ألم بي ولا تحركون ساكنا ..أما عاد بنو البشر يملكون رجالا؟؟..أجبني هدأت الجريحة قليلا و كأنها بذلك تريد أخذ نفس لتواصل سرد جراحها من جديد ..و أثناء ذلك حاول المسافر أن يرمي بعض الكلمات و قبل أن ينطق ببنت شفى ,و تعلم منه أيريد أن يعتذر إليها ,أو يبرر لها غفلته قاطعته متوسلة منه عدم الحديث و هي تقول: " أرجوك يا هذا لا تزيد في تعبيد طريق دموعي..و لا في عدد جراحي ..سمعتك و إخوانك أحقابا و أحقابا حتى ما عادت أذنيّ تحتمل سماع المزيد ..فدعنا نتبادل الأدوار فالحديث اليوم لي و لي جراحي و الإنصات لك و لبني جنسك . ولعلك تعود إلي يوما تملك إجابةً لأسئلتي التي ليس لها عد وحصر ..و تشفي علتي بفعل منك ومن إخوانك يرفع الهوان عني و عن أبنائي ". و سكتت بعدها وهي تتطلع قدوم فجر جديد ,من وراء الأفق البعيد. [img] [/img] من عيون زهراء الشرق
عدل سابقا من قبل زهراء الشرق في الأحد نوفمبر 02, 2008 11:04 pm عدل 2 مرات | |
|
ساجدة لله مشرف متميز
عدد الرسائل : 218 العمر : 38 العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/ السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 14/10/2008
| |