محك النظر عضو
عدد الرسائل : 19 العمر : 41 العمل/الترفيه : جامعي المزاج : عادي البلد : : الجزائر البلدية أو الولاية : ميلة السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/01/2010
| موضوع: الإمام بن باديس : وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الأربعاء مارس 17, 2010 10:10 pm | |
| قال عزّ من قائل [ سورة الإسراء ]: وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (54) قال الإمام بن باديس رحمه الله [ ابن باديس حياته و آثاره جمع و دراسة الدكتور عمّار الطّالبي الجزء الثاني صفحة 283-284 ] : و التي هي أحسن : هي الكلمة الطيّبة و المقالة التي هي أحسن من غيرها فيعم ذالك ما يكون من الكلام في التخاطب العادي بين الناس حتى ينادي بعضهم بعضاً بأحب الأسماء إليه .
و ما يكون من البيان العلمي فيختار أسهل العبارات و أقربها للفهم حتى لا يحدث الناس بما لا يفهمون ، فيكون عليهم حديثه فتنة و بلاء .
و ما يكون من الكلام في مقام التنازع و الخصام فيقتصر على ما يوصله الى حقه في حدود الموضوع المتنازع فيه ، دون أذاية لخصمه و لا تعرض لشأن من شؤونه الخاصة به.
و ما يكون من باب إقامة الحجة و عرض الأدلة ، فيسوقها بأجلى عبارة و أوقعها في النفس ، خالية من السب و القدح ، و من الغمز و التعريض ، و أدنى تلميح الى شئ قبيح.
و هذا يطالب به المؤمنون سواء كان ذالك فيما بينهم أو بينهم و بين غيرهم .
و قد جاء في الصحيح : "أنّ رهطاً من اليهود دخلوا على النبي - صلى الله عليه و آله و سلم - فقالوا : السام عليكم ، ففهمتها عائشة رضي الله عنها فقالت : و عليكم السام و اللعنة . فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : مهلاً يا عائشة ، إنّ الله يحب الرفق في الأمر كلّه. فقالت : ألم تسمع ما قالوا ؟ فقال : قد قلت : وعليكم".
فكان الرد عليهم بمثل قولهم بأسلوب العطف على كلامهم ، وهو قوله : و عليكم ، أحسن من الرد عليهم باللعنة . فقال - صلى الله عليه و آله و سلم - القولة التي هي أحسن ، و هذا هو أدب الإسلام للمسلمين مع جميع الناس.
و أفاد قوله تعالي : " أحسن " بصيغة اسم التفضيل أنّ علينا أن نتخيّر في العبارات الحسنة فننتقي أحسنها في جميع ما تقدم من أنواع مواقع الكلام . فحاصل هذا التأديب الرباني هو اجتناب الكلام السئ جملة و الإقتصار على الحسن ، و انتقاء واختيار الأحسن من بين ذالك الحسن . و هذا يستلزم استعمال العقل و الروية عند كل كلمة تقال ، و لو كلمة واحدة :
فرُبَّ كلمة واحدة أوقدت حرباً ، وأهلكت شعباً ، أو شعوباً.
ورُبَّ كلمة واحدة أنزلت أمناً ، وأنقذت أمة أو أمماً .
و قد بيّن لنا النبي - صلى الله عليه و آله و سلم - مكانة الكلمة الواحدة من الأثر في قوله : ( الكلمة الطيّبة صدقة ، واتقوا النّار و لو بكلمة طيّبة )
و هذا الأدب الإسلامي - و هو التروي عند القول و اجتناب السيّء واختيار الأحسن - ضروري لسعادة العباد و هنائهم . و ما كثرت الخلافات و تشعّبت الخصومات و تنافرت المشارب و تباعدت المذاهب حتى صار السلم عدو المسلم ، و النبي - صلى الله عليه و آله و سلم - يقول : " المسلم أخو المسلم " إلا بتركهم هذا الأدب و تركهم للتروي عند القول و التعمّد للسيّء بل للأسوأ في بعض الأحيان.اهـــ
و قال بعدها رحمه الله برحمته الواسعة [ ابن باديس حياته و آثاره جمع و دراسة الدكتور عمّار الطّالبي الجزء الثاني صفحة 285-286 ] : أقوى الأحوال مظنة لكلمة السوء هي حالة المناظرة و المجادلة .
و أقرب ما تكون الى ذالك اذا كان الجدال في أمر الدين و العقيدة ، فما أكثر ما يضلل بعض بعضاً أو يفسقه أو يكفره ، فيكون ذالك سبباً لزيادة شقة الخلاف اتّساعاً ، و تمسّك كلّ برأيه و نفوره من قول خصمه . دع ما يكون عن ذالك من البغض و الشر . فذكّر الله تعالى عباده بأنّه هو العالِم ببواطن خلقه و سرائراهم و عواقب أمرهم ، فيرحم من يشاء و يعذب من يشاء بحكمته و عدله :
فلا يقطع لأحد بأنه من أهل النّار لجهل العاقبة سواء كان من أهل الكفر أو كان من أهل الفسق أو كان من أهل الإبتداع.
كما لا يقطع لأحد بالجنة كذالك ، إلاّ من جاء النص بهم.
فلا يقال للكافر عند دعوته أو مجادلته إنك من أهل النار ، لكن تذكر الأدلة على بطلان الكفر و سوء العاقبة.
و لا يقال للمبتدع : يا ضال (( فما بالك بوصفه بالكلب أو الحمار أو غيره ))، و إنما تبيّن البدعة و قبحها .
و لا يقال لمرتكب الكبيرة : يا فاسق ، ولكن يبيّن قبح تلك الكبيرة و ضررها و عظم إثمها .
فتقبح القبائح و الرذائل في نفسها و تجتنب أشخاص مرتكبيها.
إذ رُبّ شخصٍ هو اليوم من أهل الكفر و الضلال ، تكون عاقبته الى الخير و الكمال .
و رُبّ شخص هو اليوم من أهل الإيمان ينقلب - و العياذ بالله تعالى - على عقبه في هاوية الوبال.
و خاطب الله تعالى نبيّه - صلى الله عليه و سلّم - أنه لم يرسله وكيلاً على الخلق حفيظاً عليهم كفيلاً بأعمالهم .
فما عليه الا تبليغ الدعوة و نصرة الحق بالحق و الهداية و الدلالة الى دين الله و صراطه المستقيم.
خاطبه بهذا ليؤكد لخلقه ما أمرهم به من قول التي هي أحسن ، للموافق و المخالف.
فلا يحملنّهم بغض الكفر و المعصية على السوء في القول لأهلها ، فإنما عليهم تبليغ الحق كما بلّغه نبيّهم صلى الله عليه و سلّم .
ولن يكون أحدٌ أحرص منه على تبليغه ، فحسبهم أن يكونوا على سنّته و هديه ، أحيانا الله عليهما ، و أماتنا عليهما ، وحشرنا في زمرة أهلهما آمين.اهـــ
اللّهمّ آمين.
ما بين "(())" من زيادة الفقير الى ربه.المصدر | |
|
د/ محمد خيرى عطاالله عضو
عدد الرسائل : 37 العمر : 60 العمل/الترفيه : باحث فى شئون الدعوة الإسلامية المزاج : الدعوة إلى الله البلد : : جمهورية مصر العربية البلدية أو الولاية : الشرثية السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 27/04/2010
| موضوع: الإمام بن باديس : وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الخميس أبريل 29, 2010 9:23 am | |
| نقل موفق وبيان رائع وجزاكم الله خيرا على أمانة النقل | |
|