ساجدة لله مشرف متميز
عدد الرسائل : 218 العمر : 38 العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/ السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 14/10/2008
| موضوع: المحادثة بالماسنجر بين الجنسين- منقول للأهمية الجمعة يناير 15, 2010 10:20 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
المحادثة بالماسنجر بين الجنسين
الحمد لله رب العالمين الهادي إلى سواء السبيل نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء: 1]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ [الأحزاب: 70،71]
أما بعد فإن من النوازل والمستجدات التي ظهرت هذا ا لعصر في ظل التطور في تنقية الحاسوب والاتصالات المحادثات التي تحصل عن طريق جهاز الحاسوب عبر الماسنجر إما بالكتابة، وإما بالمحادثة بالصوت، ومن المسائل المهمة في هذه الوسيلة بيان الحكم الشرعي في استخدام هذه المحادثات بين الرجال والنساء الأجانب، وقد وضع بين أيدينا سؤال من أحد الأخوات الفاضلات الكريمات تقول فيه هل يجوز أن أتحدث مع شاب عن طريق الماسنجر في حديث غير مخل بالأدب ؟؟ وجزاكَ الله خير الجزاء وعفا عني وعنك ؟
فأقول وبالله تعالى العون والتوفيق الحمد لله رب العالمين الهادي إلى سواء السبيل وأصلي وأسلم على رسوله الكريم وأزواجه وآله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين سبحانك اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد فإن مثل هذه المحادثات بين الرجال والنساء الأجانب عبر برنامج (الماسنجر) ولو كان ذلك عن طريق الكتابة، ومثله غرف الدردشة وهو ما يُسمّى بـ الشات، باب من أبواب الشر والفتنة يكاد يُحرق البيوت والأسر والمجتمعات وطريق إلى الفاحشة والرذيلة فيجب أن يُغلق هذا الباب؛ للآتي:
أولاً: لأن الشريعة الإسلامية الغراء قد جاءت بقواعد وكليات تصلح لكل زمان ومكان منها قاعدة: درء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح، وقاعدة: ما أفضى إلى مُحرّم فهو مُحرّم، وقاعدة: الوسائل لها أحكام المقاصد، وقاعدة سدّ الذرائع الْمُفْضِية والْمُؤدِّية إلى ما حرّم الله تعالى، ولذلك جاء الإسلام بِغضّ البصر؛ لِكون إطلاقه مُفضياً إلى ما حرم الله، وجاء النهي عن الخلوة بالأجنبية، وكذلك النهي عن الخضوع بالقول؛ لما يؤديه ذلك من وقوع الفاحشة أو حصول مُقدِّماتها(1)، يقول الله تعالى مخاطباً نساء النبي وهو خطاب لجميع النساء: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً﴾ [الأحزاب: 32] فنهى الله سبحانه وتعالى النساء -عندما يخاطبن الرجال أو حين يسمعون كلامهن- عن لين الكلام وترقيقه والرضوخ فيه وعن الكلام الذي فيه ما يهوى المريب ويعجب الرجال ويميلهم إلى النساء، وأمرهن الله أن يكون قولهن جزلاً وكلامهن فصلاً ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين؛ لئلا يطمع أهل الخنى والفجور والميل للنساء والدغل ومن في قلبه مرض شهوة الحرام فإنه مستعد ينتظر أدنى محرك يحركه؛ لأن قلبه غير صحيح فأدنى سبب يوجد ويدعوه إلى الحرام يجيب دعوته(2)، قال الإمام السعدي: «فهذا دليل على أن الوسائل لها أحكام المقاصد فإن الخضوع بالقول واللين فيه في الأصل مباح ولكن لما كان وسيلة إلى المحرم منع منه، ولهذا ينبغي للمرأة في مخاطبة الرجال أن لا تلين لهم القول» (3)، وقال الإمام البغوي: «والمرأة مندوبة إلى الغلظة في المقالة إذا خاطبت الأجانب»(4)، إضافة إلى أن الشخص الذي يحادث المرأة الأجنبية في الماسنجر ويدردش معها أقل أحواله التلذذ في خطابها، ولا يشك في مثل هذه المحادثات بحصول ميل القلب، وبالتالي فهو متعرض لما لا يحل له من النساء فيكون صاحب قلب مريض، قال الإمام الشنقيطي: «ومما يدل على أن المتعرض لما لا يحل من النساء من الذين في قلوبهم مرض قوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾[الأحزاب: 32] وذلك معنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الأعشى:
حافظ للفرج راض بالتقى *** ليس ممن قلبه فيه مرض»(5).
وميل الرجال إلى نساء موجود في فطرهم فيجب على المرأة قبل أن تفكر في مثل هذه المحادثات أن تتأمل في خطاب رب الأرض والسماوات الذي خلق البشر وهو أعلم بتركيبهم وفطرهم وبما فيه صلاحهم وفسادهم.
ثانياً: المحادثة بين الجنسين إذا كانت المرأة أجنبية عن الرجل وليست زوجةً أو محرماً له ولو بالكتابة فقط باب من أبواب الشيطان، وخُطوة في طريق الزلل والتدرج في خطوات الشيطان، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [النور: 21] أي: طرقه ووساوسه ويدخل فيها سائر المعاصي المتعلقة بالقلب واللسان والبدن ومن حكمته تعالى أن بين الحكم وهو النهي عن اتباع خطوات الشيطان والحكمة وهو بيان ما في المنهي عنه من الشر المقتضى والداعي لتركه فقال: ﴿وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء﴾ أي ما تستفحشه العقول والشرائع من الذنوب العظيمة مع ميل بعض النفوس إليه، ﴿وَالْمُنكَرِ﴾ وهو ما تنكره العقول ولا تعرفه، فنهى الله عنها العباد نعمة منه عليهم أن يشكروه ويذكروه؛ لأن ذلك صيانة لهم عن التدنس بالرذائل والقبائح فمن إحسانه عليهم أن نهاهم عنها كما نهاهم عن أكل السموم القاتلة ونحوها(6)، وهو نهي وتنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها(7)، فالإسلام جاء بسد الذرائع، فلا تُخدعي وتغتري أيتها الأخت الكريمة بتزيين الشيطان أن ذلك سيكون في حدود الأدب وما يرضي الله تعالى، أو أن ذلك سيكون مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث، فهذا من خطوات الشيطان ليوقع المسلم فيما لا تُحمد عقباه من المخالفات والآثار السيئة المترتبة عليها.
ثالثاً: ما يترتب على هذه المحادثات من الدخول في مكايد الشيطان فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم فعن علي بن الحسين في حديث صفية رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما"(8)، وفي رواية: " إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا أو قال شيئا"(9)، قال الإمام النووي: «وفيه الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان فإنه يجرى من الإنسان مجرى الدم فيتأهب الإنسان للاحتراز من وساوسه وشره»(10)، وقال القاضي عياض وغيره: «قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه، وقيل هو على الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته فكأنه لا يفارق الإنسان كما لا يفارقه دمه، وقيل يلقى وسوسته في مسام لطيفة من البدن فتصل الوسوسة إلى القلب»(11) وسواء كان الحديث على الحقيقة أو المجاز فإن هذه المحادثات وريد من أخطر الأوردة التي يجري فيها الشيطان ويسرع في تزيينها والإيقاع عن طريقها، فيجتمع على أصحابها منافذ كثيرة خفية خطيرة ينفذ إليهم الشيطان من خلالها للإهلاك.
رابعاً: هذه المحادثات معول هدم للبيوت الرفيعة، وزلزال يخسف بالحصون المنيعة، فيدمر فيها الأسر والأنساب، ويهتك بها الأعراض والأحساب، ويلبس أهلها لباس الذل والصغار، بعدما كانت في عز ووقار فكيف لا تكون هذه المحادثات من أشنع المحرمات؟!!!
خامساً: ما يترتب على هذه المحادثات من خدش حياء المرأة والتجرؤ على مثل ذلك فيهون عليها ويسهل عليها غيره, والأصل في الشريعة صيانة كل نفس عموماً والمرأة خصوصاً من كل ما يخدش حياءها وعفتها بالابتداع عن ما يؤدي إلى المحذور، لهذا كان الحياء من الأيمان فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان"(12)، وفي رواية: "الإيمان بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان)(13)، وفي رواية: "الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان"(14)، وعن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعه فإن الحياء من الإيمان"(15)، قال ابن عبد البر: «ومعنى هذا الحديث والله أعلم أن الحياء يمنع من كثير من الفحش والفواحش ويشتمل على كثير من أعمال البر وبهذا صار جزءا وشعبة من الإيمان؛ لأنه وإن كان غريزة مركبة في المرء فإن المستحي يندفع بالحياء عن كثير من المعاصي كما يندفع بالإيمان عنها إذا عصمه الله فكأنه شعبة منه لأنه يعمل عمله, فلما صار الحياء والإيمان يعملان عملاً واحداً جُعلا كالشيء الواحد»(16), والحياء خير كله فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحياء لا يأتي إلا بخير"(17)، قال الإمام العيني: «معناه أن من استحى من الناس أن يروه يأتي بالفجور وارتكاب المحارم فذلك داعيه إلى أن يكون أشد حياءً من الله تعالى ومن استحى من ربه فإن حياءه زاجر له عن تضييع فرائضه وركوب معاصيه، والحياء يمنع من الفواحش، ويحمل على البر والخير كما يمنع الإيمان صاحبه من الفجور، ويبعده عن المعاصي، ويحمله على الطاعات، فصار الحياء كالإيمان لمساواته له في ذلك»(18)، فالمرأة التي تعمد إلى محادثة الرجال الأجانب بما يسمى الماسنجر تتعرض لخدش حيائها بل لزواله فإذا زال الحياء فلا يحول بين الإنسان وبين الفحش شيء.
سادساً: هذه المحادثات بين الرجال والنساء الأجانب فيها معنى الخلوة، ومما اختصت به المرأة الابتعاد عن الخلوة مع الرجل مهما كانت على درجة من التقى ومهما كان الرجل كذلك؛ لأن هذا أمر متعلق بطبيعة المرأة وطبيعة الرجل فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر رضي الله عنه بالجابية فقال يا أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال: "أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن(19) فالحديث فيه صفة العموم لكل من يصدق عليه اسم رجل واسم امرأة فلا يجوز الاستثناء من هذا العموم لأي سبب كان إلا لضرورة؛ لأن للضرورة أحكامها الخاصة بها(20).
سابعاً: هذه المحادثات بين الرجال والنساء الأجانب على فرض أنها لا تخل بالأدب فإن أقل أحوالها أنها من مواطن الشبهات والريبة وبالتالي فهي تؤدي إلى الحرام وتثير الظنون السيئة حول من يمارسها ويقدم عليها فلزم الابتعاد عن هذه المواطن والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (دع ما يريبك إلى مالا يريبك)(21)، ويقول: (فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)(22)، قال الإمام النووي في الحديث: « يحتمل وجهين: أحدهما: أنه من كثرة تعاطيه الشبهات يصادف الحرام وإن لم يتعمده وقد يأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير، والثاني: أنه يعتاد التساهل ويتمرن عليه ويجسر على شبهة ثم شبهه أغلظ منها ثم أخرى أغلظ وهكذا حتى يقع في الحرام عمدا ً وهذا نحو قول السلف: "المعاصي بريد الكفر" أي: تسوق إليه عافانا الله تعالى من الشر»(23)، والوجهان المذكوران متحققان في هذه المحادثات، وهذا الحديث صار أصلاً لقاعدة أصولية عند الشافعية هي: "أن الحريم له حكم ما هو حريم له" قال الإمام الزركشي: «الحريم يدخل في الواجب والحرام والمكروه، وكل محرم له حريم يحيط به، والحريم هو المحيط بالحرام، كالفخذين فإنهما حريم للعورة الكبرى وحريم الواجب مالا يتم الواجب إلا به ...»(24)
زيف لا حقيقة، ومفسدة لا مصلحة:
أما ما يدعيه البعض ويتصوره ويتوهمه من أن تلك المحادثات للصداقة والأخوة والتعارف، فإنما هو من تزيين الشيطان له هذا العمل بحكم الصداقة أو التعارف بقصد الزواج، ولا مصلحة في ذلك بل هذه مصلحة موهومة مُتخَيّلة وليست مصلحة حقيقة؛ لأن المصلحة الحقيقة هي التي توافق أمر الشرع وهذه ليست كذلك، ولو سلمنا بوجود المصلحة وهذا لا نسلم به وعلى فرض التسليم فإن درء ودفع المفاسد يُقدّم على جلب المصالح، ولذا حُرّمت الخمر مع ما فيها من منافع، إلا أن ما فيها من الإثم أكبر من منافعها، وكذلك الأمر بالنسبة للميسر، قال سبحانه وتعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا﴾ [البقرة: 219]، وكم أدّت تلك المحادثات إلى الوقوع في الحرام، وأفضت إليه، وما أفضى إلى حرام فهو حرام، قال ميمون بن مهران: «ثلاث لا تبلون نفسك بهن: لا تدخل على السلطان وإن قلت آمره بطاعة الله، ولا تصغين بسمعك إلى هوى فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه، ولا تدخل على امرأة ولو قلت أعلمها كتاب الله»(25)، والذين يصطادون في الماء العكر أكثر من الصالحين، ويكفي أن يُلقي الإنسان نظرة على غرفة دردشة ليرى بنفسه، أن تلك الغرف لا يوجد فيها –غالباً– حديث جاد أو نافع مُثمر(26).
احذر من الغرور
قد يقول البعض من الشباب أو من الفتيات: إنني أثق بنفسي! فيُقال له أو لاً: هذه ثقة عمياء يزينها لك الشيطان وهي من وسائله وخطواته في الإغواء والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ﴾ [النور: 21]، فلا تغتر بها، بل إنها من الغرور والإعجاب بالنفس والتزكية لها، وهذا مرض من أخطر أمراض النفوس فيجتمع عليك أشد الأعداء وهو الشيطان ونفسك فإياك والغرور، ألم تسمع قول القائل:
إني بليت بأربع ما سلطت ** إلا لأجل شقاوتي وعنائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى ** كيف الخلاص وكلهم أعدائي
إبليس يسلك في طريق مهالكي ** والنفس تأمرني بكل بلائي
وأرى الهوى تدعو إليه خواطري ** في ظلمة الشبهات والآراء
وزخارف الدنيا تقول أما ترى ** حسني وفخر ملابسي وبهائي (28)
ثانياً: المسلم صاحب الدين والمعرفة بحقيقة النفس البشرية ينبغي له أن يتهم نفسه في مثل هذه المواطن؛ لأنها مواطن فتنة.
ثالثاً: إنه لا يجوز للمسلم أن يمتحن إيمانه في مواطن الفتن؛ لأنها مظنّة الزيغ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سمع بالدجال فلينأ عنه فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات أو لما يبعث به من الشبهات"(29)، هكذا قال، ومعنى "فلينأ" أي: فليبعد(30)عن مواطن الفتنة، وأي فتنة للرجل أعظم من المرأة فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"(31)
ثانياً: إن حسن القصد لا يُبرر العمل أو يجعل ارتكابه سائغا، ولذا فإن من المتعين إغلاق هذا الباب لئلا تقع الفتاة أو الشاب في المحظور(32)
احذروا من الغفلة والخيانة
ليعلم كل أب وأم وكل زوج وزوجة أن الله سبحانه وتعالى استودعهم أبناءهم وبناتهم أمانة واسترعاهم عليهم، فكل واحد منا راعٍ في أهله ومسئول عنهم أمام الله تعالى فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول، فالإمام راع وهو مسئول، والرجل راع على أهله وهو مسئول، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول"(33)، أي: عن رعيته كما صرحت الروايات الأخرى، فليحذر كل واحد منا من خيانة الأمانة، وغش الرعية؛ لأن من غش رعيته حرم الله عليه الجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة"(34)، وإن من أعظم الغش للرعية والخيانة لها أن يترك الزوج زوجة أو الأب ابنه أو بنته يهيم في أوحال الرذيلة ويحادث كل من هب ودب في الشات والماسنجر من دون أن يحيطه بالنصح وينهاه عن المنكر والشر ورسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة"(35)
يقول ربنا جل في علاه في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6]، فهذه الآية تدل على أنه يجب على الإنسان أن يأمر أهله بالمعروف والخير وينهاهم عن المنكر والشر ويعلمهم الدين وما لا يستغنى عنه من الآداب ليقيهم بذلك من النار(36)، قال الإمام ابن كثير: «أي مروهم بالمعروف وأنهوهم عن المنكر ولا تدعوهم هملا فتأكلهم النار يوم القيامة»(37)، وقال الإمام الواحدي: «أي: خذوا أنفسكم وأهليكم بما يقرب من الله تعالى وجنبوا أنفسكم وأهليكم المعاصي»(38)
الثقة العمياء
هذه الثقة العمياء نوع من أنواع غش الرعية وخيانتها وعدم النصح لها، ولهذه الثقة ثلاث صور:
الأولى: الثقة العمياء من الراعي برعيته: وفيها يهمل الراعي من أب أو أم أو زوج تربية رعيته ونصحهم وتوجيههم ومراقبتهم ويكتفي بالحكم على الظاهر فإذا خرجت ابنته ربما أخذت معها مصحفاً في حقيبتها وإذا دخل جهاز ولده أو ابنته ربما يرى على سطح الشاشة برامج دينية فيكتفي بهذا الظاهر من دون نظر أين يذهب الابن أو البنت ومع من يجلس، أو حقيقة ما يحويه هذا الجهاز أو الطريقة التي يتم استخدامه فيها فيقول: أنا أثق ببناتي وأبنائي!! أو بمحارمي أو برعيتي عموماً!
فنقول له إن ترك هذه الرعية من دون تعهد ونصح وأمر ونهي ورقابة من غير تجسس أو شك لا يقوم على دليل ليس من الثقة في شيء بل من خيانة الرعية وغشها هذا أولاً.
ثانياً: هل رعيتك من النساء خير أم أمهات المؤمنين؟ وهل رعيتك من الرجال خير أم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أجمعين ومع ذلك فقد قال الله تبارك وتعالى في أدب أمهات المؤمنين- والخطاب لهن ولغيرهن-: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ [الأحزاب: 32 و33]، وقال جل في علاه في أدب المؤمنين معهن: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ﴾ لماذا؟ ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 53] فهل من مُعتبر؟: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [قـ: 37] (39)
الثانية: الثقة العمياء من الشخص المتحدث بالماسنجر بنفسه فيقول أنا أثق بنفسي وقد سبق وأن بينا أن هذا غرور واستدراج من الشيطان.
الثالثة: الثقة العمياء من الشخص المتحدث بالماسنجر مع من يحادثه فتقول الفتاة أنا لا أتحدث إلا مع أثق به أو بدينه، وهذا أيضاً من استدراج الشيطان وإغوائه وإلا لو كان صاحب دين وخلق فكيف يحادث أجنبية لا يعرفها، ثم إن هذه الثقة بهذا النوع من الناس لا يكون من إنسان صاحب وعي وفطنة؛ لأن الداخل إلى ساحات الحوار في الغالب يتعامل مع شخصيات كثيرة مجهولة، ومن المعلوم عند أهل العلم أن المجهول لا يمكن أن يوثق حديثه(40)، فينبغي الحذر من هولاء.
عدل سابقا من قبل ساجدة لله في الجمعة يناير 15, 2010 10:23 pm عدل 1 مرات (السبب : تعديل) | |
|
ساجدة لله مشرف متميز
عدد الرسائل : 218 العمر : 38 العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/ السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 14/10/2008
| موضوع: رد: المحادثة بالماسنجر بين الجنسين- منقول للأهمية الجمعة يناير 15, 2010 10:21 pm | |
| انتبهي أيتها الأخت المسلمة
من عادة هؤلاء الرجال العابثين في مخاطبتهم للنساء أن يحرصوا على الاستمرار معهن حتى إذا قضوا حاجتهم منهن أو أيسوا منهن أو انقطعت بينهم الاتصالات انتقلوا إلى غيرهن، وقد أثبتت التجارب والحالات المشابهة سقوط الطرفين في مصيدة العشق والغرام، ومن ثم الانزلاق المهين في أوحال الفاحشة النجسة، وإن إثارة هؤلاء الشباب لقضية الزواج في خضم العلاقة القائمة بينهم وبين الفتيات، هو في شقه الأكبر ضرب من التخدير العاطفي، وكسب ثقة الطرف الآخر، وحتى لو صدقوا في دعواهم الزواج فإن دوام العشرة وقيام الأسرة الصالحة آخر ما يفكرون به، فالمقصود إذاً هو قضاء الوطر، وتحقيق الوصال، ومن ثم قطع العلاقة بورقة الطلاق المعدة سلفاً، فهذه المحادثات من أشنع المحرمات؛ لأنها معول هدم للبيوت، وزلزال يخسف بحصونها المنيعة، فيدمر فيها الأسر والأنساب، ويهتك فيها الأعراض والأحساب، ويلبس أهلها لباس الذل والصغار، بعدما كانوا في عز ووقار!! ومن يتتبع ما وقع ويقع من جراء المراسلات والمحادثات، من حوادث أليمة، وفواحش عظيمة، تحسر أيما تحسر على أحوال بنات المسلمين، وأدرك أن محادثتهن وسيلة تغرير، وشباك صيد، يستهدف عرضهن، ويسود وجههن، ويتركهن ضحايا في الزوايا، إلا أن يُحْسِن دفع هذا الشر الخطير، والبلاء المستطير، الذي يتسلل إلى حرمات البيوت، من خط الماسنجر!! فيبدأ بالرسالة المادحة ثم طلب سماع الصوت حتى يتأكد كل واحد من صاحبه أنه لا يخدعه ثم بعد أيام وقد التهبت حرارة الفتنة يطلب كل واحد رؤية الآخر فقط عن طريق الماسنجر أو بإرسال صورة عن طريقه فإذا ظفر الخبيث بالصورة أخذها مع المكالمات المسجلة والرسائل المحفوظة لتكون ورقة ضغط يهدد بها هذه المسكينة لتستجيب للخروج معه فقط ليراها مباشرة ثم تحدث الفضيحة العظمى وبعدها يتركها بعد أن هتك عفافها ودنس عرضها وربما جعلها سلعة يعبث به، قال أحمد شوقي:
خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ *** وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ...
َنظرَةٌ فَابتِسامَةٌ فَسَلامٌ *** فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ ...
فَاتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى *** فَالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواءُ (41)
فتمثلي أيتها الأخت المسلمة قول عائشة تيمور في الفخر:
بيد العفاف أصون عز حجابي *** وبعصمتي أعلو على أترابي
وبفكرة وقادة وقريحة *** نقادة قد كَمُلت [بها] آدابي
فجعلتُ مرْآتي جبينَ دفاترٍ*** وجعلتُ من نَقْش المدادِ خطابي
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي *** إلا بكوني زهرة الألبابي
ما عاقني خجلي عن العليا ولا *** سدل الخمار بلمتي ونقابي(42)
من الواقع لا الخيال حتى تتجلى الحقيقية وينكشف الزيف:
في الأخير أسوق هذه القصص من الواقع ليعلم من خلالها خطورة الأمر وأن ما قلناه ليس مجرد كلام ولا ضرب من المبالغة؛ لأن من يشهد ما يحصل في الواقع ليس كمن يسمع به فقط، فهذه قصة حقيقية، ورسالة تقطر أسى لفتاة وقعت في براثن الماسنجر، تقول أنا فتاة أبلغ من العمر 17 عاماً من بلد عربي، ما زلت في الدراسة الثانوية.. للأسف تعلمت استخدام الإنترنت لكني أسأت استخدامها، وقضيت أيامي في محادثة الشباب، وذلك من خلال الكتابة فقط، ومشاهدة المواقع الإباحية، رغم أني كنت قبل ذلك متدينة، وأكره الفتيات اللواتي يحادثن الشباب، وللأسف فأنا أفعل هذا بعيداً عن أعين أهلي، ولا أحد يدري، ولقد تعرفت على شاب عمره 21 عاماً من جنسية مختلفة عني لكنه مقيم في نفس الدولة، تعرفت عليه من خلال (الشات)،وظللنا نلتقي على الماسنجر أحببته وأحبني حباً صادقاً لا تشوبه شائبة، كان يعلمني تعاليم الدين، ويُرشدني إلى الصلاح والهدى، وكنا نُصلي مع بعض في أحيان أخرى، وهذا طبعاً يحصل من خلال الإنترنت فقط؛ لأنه يدعني أراه من خلال (الكاميرا) ظللنا على هذا الحال مدة شهر، ولقد تعلمت الكثير منه وهو كذلك، وعندما وثقت فيه جعلته يراني من خلال (الكاميرا) في الكمبيوتر، وظللت أحادثه بالصوت، وزاد حُبي له، وأصبح يأخذ كل تفكيري حتى أن مستواي الدراسي انخفض بشكل كبير جداً، أصبحت أهمل الدراسة، وأفكر فيه؛ لأنني كلما أحاول أن أدرس لا أستطيع التركيز أبداً، وبعد فترة كلمته على (الموبايل) ومن هاتف المنزل أخبرته عن مكان إقامتي كما فعل هو ذلك مسبقاً، ولقد تأكدت من صحة المعلومات التي أعطاني إياها.. طلب مني الموافقة على الزواج منه فوافقت طبعاً لحبي الكبير له رغم أني محجوزة لابن خالي لكني أخشى كثيراً من معارضة أهلي، وخصوصاً أنه قبل فترة قصيرة هددني بقوله: إن تركتني فسوف أفضحك! وأنشر صورك! وقال: سوف أقوم بالاتصال على الهواتف التي قمت بالاتصال منها لأفضح أمرك لأهلك، وعندما ناقشت معه الأمر قاله: إنه (يسولف) لكن أحسست وقتها بأنه فعلاً سيفعل ذلك، وأنا أفكر جدياً بتركه، والعودة إلى الله...
وأخرى تقول إنما قبلت المحادثة معه؛ لأن الرسالة كانت من فلان الذي كان مثالاً للأخلاق والاتزان، وكان محبوباً في المنتدى فالكثير من الفتيات يحاولن التعرف عليه؛ لأسلوبه.. لمنطقه.. لأخلاقه العالية.. لقلمه الجذاب.. الخ، قالت أضفته وليتني ما أضفته فقد كُنتُ على موعد مع الموت، قال لي: يا فلانة أتوقعُ أنك شاب ولست بفتاة؟! استغربت من كلماته هذه فقلتُ لماذا هذه الشكوك؟! فقال: هل بإمكاني أن أسمع صوتك حتى أتأكد؟! وبعد أن كلمته وسجلها وأرسلت له صورتها تقول: حتى تقدم لي أحد الشباب وتزوجته وفرحتُ كثيراً علَّ هذه المشكلة تنتهي، بعد ذلك ذهبتُ إلى منزلنا وقالت لي والدتي: هناك فتاة تتصل وتسألُ عنك، وأخذت تُزعجنا بكثرة اتصالاتها! بعد عشر دقائق اتصلت الفتاة نفسها فقالت: ألو هل أنت فلانة؟! فقلت لها: نعم ما خطبك؟! ومن أنت؟!، فقالت: أنا من طرف فلان الذي معك في الماسنجر!! وقد طلب مني الاتصالُ عليك لتوصيل رسالته إليك، فقلت لها: ما يُريد مني؟! فقالت: سوف يفضحك أمام زوجك وسوف يُرسلُ صورتك مع صوتك إليه إذا لم يجدك على الماسنجر الليلة!! بعد ذلك بكيتُ بمرارة وحسرةٍ واستجبتُ لطلبه ولم يتوقف ذلك على الاتصال، بل طلب رؤيتي ووسط تهديده استجبت لندائه وبعتُ شرفي وأعز ما أملك، وهكذا انتهت حكايتي مع هذا الذئب الكاسر الذي انعدمت رجولته.
وثالثة طفلة تقيم مع عائلتها في دبي، حيث يعمل والدها مدير شركة، تعرفت من خلال إحدى غرف الدردشة على شخص استطاع إقناعها بأنه عطوف ومحب ومهتم بها أيما اهتمام دون أن يخطر ببال الطفلة المسكينة أن مصيرها سيكون كالفريسة بين أنياب وحش كاسر، وذات يوم عاد والد الطفلة إلى البيت ليفاجأ بوجود شاب غريب في المطبخ، ولدى سؤاله للشاب عن غرض وجوده، بادرت الطفلة إلى القول إن الشاب هو عامل صيانة أرسله صاحب البناية لتفقد التمديدات الصحية، وللوهلة الأولى اقتنع الرجل بالأمر، لا سيما أنه لم يلاحظ ارتباك ابنته، غير أن الشك تسلل إلى نفسه بعد ذلك، فنزل إلى ناطور البناية ليسأله عن أمر عامل الصيانة، ففوجئ بأن الناطور لا علم له بوجود عمال في المبنى، وعندها اتصل بالشرطة التي جاءت على الفور واعتقلت الشاب، ليتضح لاحقاً أن الشاب قام باغتصاب الطفلة عدة مرات خلال لقاءات عديدة لهما ليس في المنزل فحسب، بل في أماكن عدة كان يحددها لها من خلال الدردشة عبر الشبكة، واعترف الشاب بأنه تمكن من استدراج الفتاة وبعد ذلك قام باغتصابها في أحد الأماكن التي استدرجها إليها، وبعد أن امتصت الطفلة الصدمة الأولى أصبحت أكثر تقبلاً لإعادة الكرة معه بل أصبحت تبادر إلى الاتصال به وتحديد المواعيد التي كان بعضها يتم في البيت أثناء غياب الأهل!!(43)
فسبحان الله كيف يكون شاباً ملتزماً ومتديناً وهو يطلب الحرام يطلب رؤية ما حرمه الله عليه، ولو كان مؤدباً أو مخلقاً أو متديناً كما وصفته ما طلب اصلا التكلم معه او التعرف عليه إنها قلة الدين والحياء، وإن هذا لصنيع ثعلب ماكر جعل من الدين غطاءً له ليخدع من النساء من تغتر بالمظاهر ولا تفكر وتنظر في العواقب، وكيف يصدق أي ثعلب من هذه الثعالب أن من ثحادثه الساعات وتراسله وتريه صورتها كيف سيصدق أنها بنت مؤدبة أو ملتزمة إنه ليعلم أن هذا لا يكون إلا من ضعف دينها وحيائها ويجعل ذلك ذريعة ليخدعها ثم يتخلص منها أو يعبث بها؛ لأن من تصنع هذا معه اليوم لا يأمن منها أن تصنعه غداً مع غيره فبربك كيف يرضى بها زوجة بل كيف يفكر بالزواج منها مجرد تفكير وهل مثل هذه ستكون غداً مربية أولادة من يرضى هذا ؟؟؟؟!!!، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اغلقي هذا الباب
فلابد على الأخت المسلمة أن تغلق أبواب هذه المحادثات، والابتعاد عنها بالكلية؛ لأنها فتن تؤتى المعاصي والفواحش من خلالها، فهي محادثات آثمة، فلا يحل لامرأة دخول الغرف الصوتية للرجال الأجانب ولا حتى بريد الرسائل الذي يقود إليها لمراسلتهم والحديث معهم، وإن كان قد حصل شيء من ذلك لأحد فليسارع إلى التخلص منه والتوبة الصادقة إلى الله تعالى التي يكون معها الندم والعزم على عدم الرجوع إلى ذلك مع الابتعاد عن مواضع الفتن الأخرى من مواقع محرمة، أو منتديات اللغو والفحش، وشطب تلك الأسماء الأجنبية، والحرص على قراءة المقالات والأجوبة والفتاوى من المواقع الإسلامية المعروفة بصحة الاعتقاد وسلامة المنهج، وهذه المواقع الطيبة النهل والمنهج حجة علينا يوم القيامة إن فرطنا فيها وأقبلنا على غيرها، وإن خشيت المرأة المسلمة أن يكون دخولها على الإنترنت سيجرها إلى محادثة هؤلاء فتمتنع كلياً من الدخول إلى الماسنجر والإنترنت، وتكتفي بالأشرطة الصوتية النافعة، وقراءة الكتب النافعة، والبحث عن صحبة صالحة من بنات جنسها يدللنها على الخير ويمنعنها من السوء والشر، وليس لأحد أن يقول إنني وحيد ولا أعرف كيف أقضي وقتي، وهو بين بساتين الخير فيها الورود والأزهار ذوات الروائح الزكية، فينتقل بين تلك البساتين ويحرص على الخير لنفسه، لا أن يترك البساتين ويتنقل في المستنقعات والأوحال النجسة والخبيثة والمحرقة، وليعلم كل إنسان أن العمر قصير، ولو قضاه الإنسان كلَّه في طاعة الله للقي الله تعالى مقصِّراً فكيف له أن يضيعه في اللغو والمعصية ؟!(44)
الختام:
وفي الأخير أوصي المرأة المسلمة ونفسي بتقوى الله تعالى وعدم الدخول في هذه المحادثات مع أي رجل أجنبي كائناً من كان، واحذري من استخدام الماسنجر، والأفضل لكي تركه بالكلية إلا للحاجة الماسة كأن تكون المحادثة مع شخص محرم لها أو تراسل أحد العلماء بأسئلة للإجابة عليها أو امرأة موثوق من دينها والحذر من تنكر بعض الشباب والفاسدات من النساء الآتي يعمدن إلى إيقاع غيرهن في أوحال الرذيلة، واستغلي الوقت بما يعود عليك بالنفع من قراءة الفتاوى والمقالات والبحوث النافعة وسماع ما ينفع، واحذري من شبكات الرذيلة التي تنشر الرذيلة وتفسد الشباب، وابتعدي عن المواقع التي تبث السموم في أفكار الشباب وتزعزع عقيدتهم، مثل مواقع أهل البدع والفرق المنحرفة، أو مواقع التنصير، ولا يجوز الدخول على هذه المواقع بدافع حب الاستطلاع، أو الدخول معهم في المناقشة بدون علم(45)، وفقكِ الله لطاعته، وأسأل من الله جل في علاه أن يهدي جميع المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا جميعاً للبر والتقوى، إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه وتعالى، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا الكريم وأزواجه وآله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
إعداد/ محمد نعمان محمد علي البعداني.
جماد أولى/1430هـ
مراجعة الدكتور/ قسطاس إبراهيم
--------------------------------------------------------------------------------
(1) الفتاوى العامة للشيخ عبد الرحمن السحيم، 1/ 237.
(2) انظر: تفسير القرطبي، 14/177 ، والحاوي الكبير، 9/17 و 18، والتسهيل لعلوم التنزيل، 3/137، وتفسير ابن كثير، 3/483، وتفسير السعدي، 1/663 و664، و أضواء البيان، 3/ 28.
(3) تفسير السعدي، 1/664.
(4) تفسير البغوي، 3/527.
(5) أضواء البيان، 6/245.
(6) تفسير السعدي، 1/564.
(7) تفسير ابن كثير، 3/276.
(8) رواه البخاري، 5/2296 برقم: 5865.
(9) رواه مسلم، 4/1712 برقم: 2175.
(10) شرح صحيح مسلم، 14/157.
(11) نفس المصدر.
(12) رواه البخاري، 1/12 برقم: 9.
(13) رواه مسلم، 1/63 برقم: 35.
(14) رواه مسلم، 1/63 برقم: 35.
(15) رواه البخاري، 1/17 برقم: 24، ومسلم، 1/63 برقم: 36.
(16) التمهيد، 9/234.
(17) رواه البخاري، 5/2267 برقم: 5766، ومسلم، 1/64 برقم: 37.
(18) عمدة القاري، 22/164.
(19) رواه الترمذي، 4/465 برقم: 2165.، قال الألباني: ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2546 في صحيح الجامع، والجامع الصغير وزيادته 1/432 برقم: 4311.
(20) هذا الكلام صمن فتوى للشيخ العلامة الدكتور عبد الكريم زيدان حول مشاركة المرأة في قيادة العمل السياسي، يراجع لذلك ندوة جامعة الإيمان حول مشاركة المرأة في قيادة العمل السياسي، إعداد قسم الإرشاد ص 36. وقد تصرفت فيه.
(21) رواه الترمذي، 4/668 برقم2518، والنسائي، 8/327 برقم5711، والحديث صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(3/71)برقم 2930، وصحيح سنن الترمذي 2/309 برقم2045.
(22) رواه البخاري، 1 /28 برقم52، و(2/723)برقم1946، ومسلم، 3 /1219 برقم1599.
(23) شرح صحيح مسلم، 11/29.
(24) الأشباه والنظائر للسيوطي، 1/125.
(25) سير أعلام النبلاء، 5/77.
(26) الفتاوى العامة للشيخ عبد الرحمن السحيم، 1/142 بتصرف.
(27) ذكرها القرطبي في تفسيره، 20/67.
(28) كشف الخفاء 1/40
(29) رواه أبو داود، 2/519 برقم: 4319، وأحمد 4/441 برقم: 19982، قال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم:6301 في صحيح الجامع، وانظر:الجامع الصغير وزيادته 1/1125 برقم: 11247.
(30) عون المعبود، 11/297.
(31) رواه البخاري، 5/1959 برقم: 4808، ومسلم، 4/2097 برقم: 2740.
(32) الفتاوى العامة للشيخ عبد الرحمن السحيم، 1/ 142.
(33) رواه البخاري، 5/ 1988 برقم: 4892، ومسلم، 3/1459 رقم: 1829.
(34) رواه مسلم، 1/125 برقم: 142.
(35) رواه البخاري، 6/2614 رقم: 6731.
(36) أضواء البيان، 1/466، وتفسير البغوي، 4/367، وأحكام القرآن للجصاص، 5/ 364 و365.
(37) تفسير ابن كثير، 3/127.
(38) تفسير الواحدي، 2/1113.
(39) موسوعة فقه الابتلاء 1-4 - (4 / 14)
(40) السياحة بين المفهوم الإسلامي والمفهوم الجاهلي 1/398، لعلي بن نايف الشحود.
(41) موسوعة الشعر الإسلامي جمعها وأعدها علي بن نايف الشحو 1196 / 1
(42) جواهر الأدب لأحمد الهاشمي 1/440.
(43) موسوعة فقه الابتلاء 1-4 - (4 / 13و16و17) ويمكن الرجوع إلى المصدر المشار إليه لمزيد الإطلاع.
(44) فتاوى الإسلام سؤال وجواب، 1/5841، من فتاوى الشيخ محمد صالح المنجد.
(45) السياحة بين المفهوم الإسلامي والمفهوم الجاهلي 1/398 جمع وإعداد: علي بن نايف الشحود. | |
|