إذا كان حذاق التجار هم الذين يعرفون موسم كل سلعة ، وأفضل وقت لرواجها وأحسن الأحوال المضاعفة لأرباحها .عبادة المحترفين
ألا فإن أحذق التجار هم الذين يرغبون في نعيم لا ينفد ، ومتعة لا تنقضي وذلك لا يكون إلا في جنة عرضها السماوات والأرض ...
ولنفسي الآثمة ولهؤلاء التجار الحاذقين أقول مذكراً.. بأننا الآن في موسم يختلف عن مواسم الفواكه والخضروات كثيراً..
إذ إننا في موسم الصيام كما قال صلى الله عليه وسلم : « أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل » [خ.م] ..عبادة المحترفين
فهذه دعوة لأفضل صيام بعد رمضان ؛ ألا فلنكثر من الصيام في هذا الشهر الفضيل.. شهر الله المحرم إذ هو موسم هذه العبودية الطيبة ..
عبودية الصيام ..
أما إذا فترت نفوسنا ، وضعفت عزائمنا عن مواصلة الصوم في هذا الشهر فلا أقل من صوم التاسع والعاشر منه ، للحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه قال : « قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال : ما هذا ؟! قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يومٌ نجَّى الله بني إسرائيل فصام فيه موسى ، قال : لأنا أحق بموسى منكم ، فصام وأمر بصيامه » [خ.م]
وللحديث الذي رواه أبو موسى رضي الله عنه قال : « كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً . قال النبي صلى الله عليه وسلم فصوموه أنتم » [خ.م]
وما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : « ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم ؛ يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعني شهر رمضان » [خ.م] .
ولحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال : « إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صيام يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية » .
ولحديث ابن عباس رضي الله عنه قال : « لمَّا صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ، وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله ! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال : إذا كان العام المقبل إن شاء الله تعالى صمنا اليوم التاسع فقال : فلم يأت العام المقبل حتى تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم » .
وفي رواية : « لئن بقيت إلى قابل لأصومنَّ التاسع » [مسلم] .
وللحديث الذي روته الربيع بنت معوذ رضي الله عنها حيث قالت : « أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه ، ومن أصبح صائماً فليصم ، قالت فكنا نصومه ونصومه صبياننا ، ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار » [ البخاري ومسلم ] .
وكم في هذا الحديث من فوائد غير صيام عاشوراء ..
حيث يظهر فيه وبوضوح عناية السلف رضي الله عنهم بتربية أطفالهم كما يظهر أيضا بداية هذا المنهج التربوي قبل سن التكليف الشرعي ، وعدم الاقتصار في التربية على ترويض النفس على الفرائض فقط بل النوافل أيضاً ..
أين هذه الجدية التربوية في أبنائنا المتسكعين على معظم النواصي والمقاهي - عياذاً بالله - بحجة أنهم ما زالوا صغاراً - فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - فيا ليتنا نستفيد من ذلك ضرورة البدء مع أطفالنا قبل سن التكليف الشرعي ، ولنربيهم تربيةً جادةً تجعل منهم علماء ربانيين ، ودعاة صادقين ، وقادة فاتحين فهو ولي ذلك والقادر عليه .
اللهم أعنا على طاعتك فإنه لا معين لنا عليه غيرك ، واعصمنا من معصيتك فإنه لا عاصم لنا منه سواك ، وتجاوز برحمتك عما زلت به نفوسنا في لحظة ضعفٍ أمام نزواتٍ جامحةٍ ، وبصيرة ضعيفة ، وعزائم خائرة ، وقلوب غافلةٍ ، آمين يا أرحم الراحمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .
منقول