مملكة الوهم

قال سعيد بن جبير للحجاج إنك ترى من نفسك ماليس فيك ..يعني يا مراد ..السيد الحجاج إعتقد واهما بأنه عنده هيبة و قبول عند الناس بينما هو في مسبح الوهم الألمبي يغرق..لأنه تعلم السباحة في خياله..
الشاهد من هذه المقدمة الحجاجية أنه هناك من الناس من يؤلف حول نفسه أساطير و حكايات و أوهام ..ينصب مجد كاذب لنفسه و يصنف الناس كما يشاء إلى أنصار و أعداء..أوبيرات أو مسرحية ظخمة ليس لها أدنى أساس في الواقع..هاؤلاء ينظرون للحياة بالمقلوب
كما نظرت لها هذه الفتاة
التي قفزت من الطابق العاشر
قالت حياتي كلها مشاكل
ليس لها حلول
الإنتحارهو الحل الوحيد
سأقفز
وبالفعل قفزت
انه الطابق التاسع انه الزوج والزوجة السعيدان المعروفان في المبنى.....
انهم يتشاجرون
انه الطابق الثامن
أليس هذا الشاب الضحوك المعروف في المبنى...؟!
انه يبكي بشدة ..
انه الطابق السابع
أليست هذه المرأة الأكثر نشاطاً في المبنى
ماذا تفعل
ما هذا الوجه الشاحب
وما كل هذه الأدوية
أنها تأخذ أدويتها...
تبدو مريضة جداً
انه الطابق السادس..
أليس هذا جارنا المهندس لقد تخرج منذ خمس سنوات
مازال يشترى سبع صحف يوميا ليبحث عن عمل
أنه الطابق الخامس
أنه جارنا العجوز
انه ينتظر أحد يزوره ويسأل عن أحوال انه ينتظر أولاده وبناته المتزوجون
ولكن بابه لم يدق يوماً !!
يبدو حزينا
انه الطابق الرابع
أليست هذه جارتنا الأنيقة الجميلة المبتسمة..!
انها تنظر إلى صورة زوجها الراحل منذ ثلاث سنين وتبكيه
قبل أن أقفز من المبنى توهمت بأنني الشخص الأكثر حزناً وبؤساً
الأن أدركت أن كل شخص لديه مشاكله وأحزانه الخاصة
وبعدما شاهدت كل هذا وجدت أنني في الحقيقة حزني وبؤسي لم يكن سيئاً على الإطلاق
الناس الذين رأيتهم وانا أقفز انهم ينظرون إلي الأن..و أنا ميتة..لكنهم أحياء..
الحياة أجمل من أن ننتحر بالوهم و التكلف..و الغرور..جبل من جليد ..لا يصمد أمام شمس المحك..