غريب مشرف متميز
عدد الرسائل : 73 العمر : 50 العمل/الترفيه : Informatique المزاج : ???.... البلد : : الجزائر البلدية أو الولاية : التلاغمة السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 19/10/2008
| موضوع: نعـــود و العــــود أحمـــد السبت ديسمبر 13, 2008 6:45 pm | |
| الدقائــــــق الغاليــــة سجود المحراب ، واستغفار الأسحار ، و دموع المناجاة : سيماء يحتـكرها المؤمنون . ولئن توهم الدنيوي جناته في الدينار، والنساء، والقصر المنيف، فإن :
• جنة المؤمن في محرابه ولقـد منَّ الله على الناس بكثير من المباح الحلال يفند الرهبانية ، ولكن المؤمن له لذة كلما توجه إلى ربه بصفاء روح ، تتضاءل بجانبها لذة المباح ، فيهجر الكثير منه حذراً من كدر يعكر الصفاء الذي هو فيه . جرب ذلك المؤمنون قديماً ، زمن العيش البسيط ، وجربه المؤمنون اليوم ، زمن المدنية المعقدة . بل إن الصلاة في يوم هذه المدينة لأظهر في إضفائها السرور ، فبينما يطيل التعقيد على الإنسان حياته الحاضرة ، فيسأم ، ويمل ، و يضجر ، تختصرها الصلاة إلى بضع ساعات فحسب ، فيعيش في اطمئنان ، وراحة بال ، ولئن كان لنظرية آينشتاين في نسبية الوقت نصيب من الصحة ، فإن في الصلاة هذا النصيب ، كما يشرحه مصطفى صادق الرفاعي و يقول : " يا لها حكمة أن فرض الله علينا هذه الصلوات بين ساعات وساعات ، لتبقى الروح أبداً إما متصلة أو مهيأة لتتصل ، ولن يعجز أضعف الناس مع روح الدين أن يملك نفسه أنه متوجه بعدها إلى ربه ، فخاف أن يقـف بين يديه مخطئاً أو آثماً ، ثم هو إذا ملك نفسه إلى هذه الفريضة ذكر أن بعدها الفريضة الأخرى ، وأنها بضع ساعات كذلك، فلا يزال من عزيمة النفس و طهارتها في عمر على صيغة واحدة لا يتبدل ولا يتغير ، كأنه بجملته – مهما طال – عمل بضع ساعات " فطول الحياة نسبي .. هو طويل جداّ ، مخيف مظلم للجاهلي .. وهو قصير ، هين منير للمصلي . وحياة الجاهلي ركود مستمر . و حياة المصلي حركة ، تـزيد صواباً ، أو تستدرك اعوجاجاً . و إنها ( الله أكبر ) تـنهي هذا الركود ، و تؤسس الحركة ( الله أكبر ) . بين ساعات و ساعات من اليوم ترسل الحياة في هذه الكلمة نداءها تهتف : " أيها المؤمن : إن كنت أصبت في الساعات التي مضت ، فاجتهد للساعات التي تتلو . و إن كنت أخطأت فكـفّـر ، وامح ساعة بساعة " وأظهر حركة يولدها التكبير : حركة التمييز و الفرقان ، بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان . فـإنك إن قـلت : { اهـدنا الصراط المستـقيم * صراط الذين أنعمت عليهـم غير المغـضوب عليهم ولا الـضالين } استشعرت في كل ركعة طائفة من هذه الأصناف الثلاثة ، و تخصص كل ركعة لمن ظهر منهم في زمن واحد ، أو بلد واحد ، فتجول في ركعات يومك بلاد الإسلام أجمع ، وتستعـرض تاريخ الإسلام أجمع . ففي ركعة تذكـر النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الأطهار رضي الله عنهم مثلاً لمن أنعم الله عليهم ، و تذكر أبا جهل ومسيلمة مثلاً للمغضوب عليهم والضالين . وفي ركعة أخرى تذكر هوداً وصالحاً - عليهم السلام - مثلاً ممن أنعم الله عليهم ، وعاداً وثمود من الهالكين . وفي ركعة أخرى تذكر الحسن البصري وابن سيرين و ابن المسيب ممن أنعم الله عليهم ، و أهل الردة ، و الجهم بن صفوان ، و الجعد بن درهم من المتخبطين . وفي أخرى تذكر الإمام أحمد بن حنبل ورهطه من المحدثين الموفقين، وبشراً المريسي وابن دؤاد من الظالمين . وفي أخرى تذكر ابن تيمية وابن القيم وابن الجوزي من المصلحين ، وأصحاب وحدة الوجود والفناء الموهوم و الشطح والابتداع من المدلسين . وفي أخرى تذكر الإمام البنا وعودة وسيد ، وثباتهم أمام الطغاة المتجبرين . وبذلك تعـقـل صلاتك ، والمرء ليس له من صلاته إلا ما عـقـل منها ، و تجدد عهدك مع أجيال المؤمنين ، وتـنبذ المفسدين ، وتـلك هي حركة الإيمان ، فإن الإيمان الحق ما أخذ منك الولاء ، وتركك على المفاصلة .
• رجال مدرسة الليل ولكن تمام التذكر يكون مع الهدوء والسكون . فمن ثم كانت مدرسة الليل . وكان ترغيب الله للمؤمنين أن يجددوا سمت الذين {كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون} وإذا انتصف الليل ، في القرون الأولى ، كانت أصوات المؤذنين ترتفع تـنادي : يارجال الليل جدوا **** رب صوت لا يرد مـا يـقـوم الـلـيل إلا **** مـن لـه عـزم وجِـدُّ و إنها حقاً لمدرسة ، فيها وحدها يستطيع رجالها أن يذكوا شعلة حماستهم ، وينشروا النور في الأرجاء التي لفتها ظلمات الجاهلية . و إنها تجربة إقبال يوجزها فيقول : نـائح والـلـيـل سـاج سادل **** يـهجـع الناس و دمـعي هـاطل تصطلي روحي بحزن وألم **** ورد ( يا قوم ) أنسي في الظلم أنـا كالـشـمع دمـوعي غـسـلي **** في ظلام الـليـل أذكي شعـلي مـحفـل الناس بـنوري يشـرق **** أنـشر النور و نـفسي أحرق و إن دعوة الإسلام اليوم لا تعتـلي حتى يذكي دعاتها شعلهم بليل ، ولا تشرق أنوارها فتبدد ظلمات جاهلية القرن العشرين مالم تلهج بـ( يا قيوم ) . ما نقول هذا أول مرة ، وإنما هي وصية الإمام البنا حين خاطب الدعاة فقال : " دقائق الليل غالية ، فلا ترخصوها بالغفلة " أفعيينا أن نعيد السمت الأول ، أم غرنا اجتهاد في التساهل و التسيب و الكسل جديد ؟ إن القول لدى الله لا يبدل ، ولكنا أرخصنا الدقائق الغالية بالغفلة ، فثقـل المغرم ولم يجعل الله لنا من أمرنا يسراً . إن انتصار الدعوة لا يكمن في كثرة الرق المنشور ، بل برجعة نصوح إلى العرف الأول ، ومتى ما صفت القلوب بتوبة ، و وعت هذا الكلام أذن واعية : كانت تحلة الورطة الحاضرة التي سببتها الغفلة المتواصلة . ذلك شرط لا بد منه . و كأن النصر حجب عنا لأننا نادينا من وراء الحجرات ، وجهرنا رافعين أصواتـنا نوجب على الله لنا هذا النصر بادلال ، نبيعه و نثبت لنا حقاً عاجلاً في الثمن من دون أن نقدم بين يدي بيعنا همساً في الأسحار ، ولا الدمع المدرار ، و إنما النصر هبة محضة ، يقر الله بها عين من يشاء من رجال مدرسة الليل في الحياة الدنيا ، ولا يلت الآخرين المحصرين من ثمنهم في الآخرة شيئاً ، ويوقع أجرهم عليه . إن تعلم الإخلاص ، وفضح الأمل الكاذب الدنيوي أجلى أعطيات مدرسة الليل ، كما يقول وليد ، وذلك ما توجب تربيتـنا تركيزه وتعميقه في النفوس . قال ، والحق ما قال : ياليل قيامك مدرسة **** فيها القرآن يدرسني معنى الإخلاص فألزمه **** نهجاً بالجنة يجلسني و يبصرني كيف الدنيا **** بالأمل الكاذب تغمسني مثل الحرباء تلونها **** بالإثم تحاول تطمسنى فأباعدها و أعاندها **** و أراقبها تتهجسني فأشد القلب بخالقه **** والذكر الدائم يحرسني وأكثر من هذا فإن من يتخرج في مدرسة الليل يؤثر في الأجيال التي بعده إلى ما شاء الله ، والمتخلف عنها يابس قاس تـقسو قلوب الناظرين إليه، والدليل عند بشر بن الحارث الحافي منذ القديم ، شاهده وأرشدك إليه, فقال : " بحسبك أن قوماً موتى تحيا القلوب بذكرهم ، وأن قوماً أحياء تـقسو القلوب برؤيتهم " . فلم كان ذلك أن لم يكن ليل الأولين يقظة ، وليل غيرهم نوماً ؟ ونهار الأولين جداً ، ونهار الآخرين شهوة ؟
• أتسبقك الحمامة ؟وإنه لقـلب رقيق قلب الفقيه الزاهد أبي سهل الصعلوكي ، يظهره تأنيبه لنفسه في قوله : أنام على سهو و تبكي الحمائم **** وليس لها جرم ومني الجرائم كذبت لعمرو الله لو كنت عاقلاً **** لما سبقتـني بالبكاء الحمائم فإن الذنب لا يغسل إلا بدمع ، و الشجاعة تسقى بدموع الليل ، وما عرف تاريخ الإسلام رجاله إلا كذلك ، ولم يقل ابن القيم باطلاً في وصفه لهم بأنهم : يحيون ليلهم بطاعة ربهم **** بتلاوة ، وتضرع و سؤال وعيونهم تجري بفيض دموعهم **** مثل انهمال الوابل الهطال في الليل رهبان ، وعند جهادهم **** لعدوهم من أشجع الأبطال بوجوههم أثر السجود لربهم **** وبها أشعة نوره المتلالي و سَأَلَ عبد الوهاب عزام الليل عن أروع أسراره ، فأبان جوابه عن إصابة المؤمنين والمذنبين في تحريهم إياه و استمع لتحاورهما : قلت لليل : كم بصدرك سر **** أنبئني ما أروع الأسرار ؟ قال : ما ضاء في ظلامي سر **** كدموع المنيب في الأسحار أفترى المؤمنين إلا مصدق بجواب الليل ، فهو مسارع مستبق ؟ أم ترى أهل البلاغة إلا في إذاعة لما قال ؟ يستملون الناس : فاز من سبح والناس هجوع يدفن الرغبة ما بين الضلوع و يغشيه سكون و خشوع ذاكراً لله والدمع هموع سوف يغدو ذلك الدمع شموع لتضيء الدرب يوم المحشر سجدة لله عند السَحَر و يلقنون المذنبين المخطئين طريق الجنة ، فيستملون المسرف في أخرى أن : عد إلى الله بقلب خاشع وادعه ليلاً بطرف دامع يتولاك بعفو واسع و يبدل كل تلك الحسنات حسنات أجرها لن ينفدا كل هذا العفو للعبد المنيب سابغا من خالق الكون الرحيب للذي تاب إليه من قريب | |
|
القدس في عيوني مشرف متميز
عدد الرسائل : 210 العمر : 38 العمل/الترفيه : طالبة علم شرعي مبتدئة المزاج : مزاج من عمره ينقص و ذنبه يزيد السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 13/10/2008
| |