بسم اله الرحمن الرحيم
" إنما المؤمنون إخوة "
سنة ربانية أرادها في الكون تحقيقا للوحدة الإيمانية ، و لا تستقيم الحياة و لا الأمور بغير صديق صدوق صادق الوعد ، أخ كريم و حبيب ...
و لأن الأخوة خلق و إحساس و النفس تتغير كما القلوب تتغير ، فحاجتنا و حاجة الأخوة للمقويات كحاجة الضعيف ليتقوى على عسر الأيام
فاخترت هذا المشروع آملا التفاعل معه ...
مثبتات و مقويات على طريق الأخوة ، قصص توجيهي ، و عظات بالغات ، و نصح مستمر و نهل من نبع النبوة و خبر الصالحين
و اخترت أن أدرج مستهلا هذا الموضوع بعنوان :" رحم الله أخا سمحا " االموضوع :
" إن دعوة لا تقوم أركانها على السماحة والبشاشة ، ونبل الأخلاق وسموها ، آيلة إلى السقوط والتفكك ، مهما بلغ شأنها وقوي سلطانها ، وهنا ندرك كم كان رسول الله حريصاً على أن تشاد دولة الإسلام على أساس بنيان قوي ، خلاصته صفاء القلوب ، ونقاء الضمائر ، وطهارة السرائر ، فلا حقد ولا غل ، ولا شحناء ولا بغضاء ، ولا حسد أو غيبة أو نميمة أو تنابز بالألقاب .
فتأسست دولة الإسلام على الحب والمؤاخاة ، على أساس من هدي الحبيب : " المسلم أخو المسلم " .. فالمسلم من جاءت في قلبه ، ووقرت في وجدانه حقيقة الأخوة وسموها، وإلا فالإيمان يعتوره النقص والخلل : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " .. فلا بد إذن من اتحاد الأحاسيس والمشاعر في ظل الأخوة الربانية حتى تكتمل صورة الإيمان ، وحقيقته في الذات المسلمة .
فكانت المحبة والسماحة حادي القلوب إلى روضات الإيمان ، والقرب من الله تبارك وتعالى ، فإذا بالابتسامة ترتسم على الشفاه المؤمنة تعدل صدقة ، يؤجر صاحبها ويثاب ، لأنها علامة حب ، وعامل تجميع والتقاء .. نعم فـ " تبسمك في وجه أخيك صدقة " .
فلا مجال في دعوة الإيمان لما يعكر صفو الأخوة ، أو يفسد رباط المحبة ، بين قلوب وثق الله بينها الرباط .. " لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " ، فعلى هذا يكون العقاب شديداً شديداً ، والعتاب مؤلماً حاداً ، حين يحاول أحد ما أن يمس هذا الرباط ، أو يعتدي عليه ، ولو بكلمة عابرة .. يقولها صحابي جليل ، له سابقة في الإيمان ، ومبادرة في ميادينه ، يوم فقئت عينه ، في ساح الدعوة إلى ، فلم تشفع له سابقته تلك ، ولا عينه التي فقئت ، ولا مكانته في قومه ، من أن يلفى التوجيه المؤثر من رسول الله ، ذلكم أبو ذر الغفاري – رضي الله عنه – حين زل لسانه وقال لأخيه بلال – رضي الله عنه - : " يا ابن السوداء " .
فما أن تصل هذه الكلمة إلى مسامع رسول الله حتى تعلو وجهه الكريم حمرة الغضب ، فيخطب الناس قائلاً : دعوها فإنها منتنة أي العصبية ، ثم يخاطب أبا ذر : " يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية " .
***
نعم فيك جاهلية رغم أسبقية إسلامك ..
نعم فيك جاهلية رغم إقدامك وتضحيتك ..
نعم فيك جاهلية رغم مكانتك وسادتك في قومك ..
نعم فيك جاهلية ، لأنك مسست رباط المحبة ، وتجاوزت صفاء الأخوة ، ونقضت عهد البشر والسماحة ..
***
وحين تماسك البنيان على هذا الأساس ، استعصى على كل محاولات التفرقة والمكر والدهاء والدسائس ، الهادفة لضعضعة وحدته ، وإضعاف قوته ، وما أوتينا إلا حين وهن رباط الأخوة والمحبة ، فوجد الشيطان وأعوانه إذ ذاك طريقهم وسبيلهم إلى بذر الشقاق والخلاف في القلوب والصفوف .
ما أحوجنا اليوم لأن تحل السماحة في ساحنا ، وتضع رحالها في قلوبنا ، وتلفي عضا الترحال، فقد اشتاقت القلوب لاستقرارها !!
فكم هي الحاجة ماسة لأخ يفيض بشراً ، ويقطر سماحة ، ويفوح عطراً ، نعم .. فما أحوجنا لأخ سمح في حواره ونقاشه .. في نقده وتوجيه نصحه ، في أخذه وعطائه ، في حكمه وقضائه ..
ما أحوجنا لأخ سمح إن أهديت إليه عيوبه وأخطاؤه !!
ما أحوجنا لأخ سمح يقبل العذر ، ويغفر الزلل ، ويسد الخلل ، ويتجاوز الهفوة !!
***
ثم أما بعد ، فعلام الغضب والجفاء ؟! علام الحدة والسخط والانفعال ؟! علام الشدة والقسوة ؟! علام التجهم والتقطيب ؟!
هل جفت ينابيع الحب ؟! أم هل نضب معين البشر والرفق والسماحة ؟! أم هل طاف على ألفاظ لغتنا الجميلة ، التي تفيض عذوبة ورقة طائف فأصبحت كالصريم ؟!!
***
فيا هؤلاء جميعاً .. عناق القلوب القلوب .. قبل عناق الأجساد
وتلاق القلوب القلوب .. قبل تلاقي الأيدي .. ورحم الله أخاً سمحاً .. !! "
في انتظار تفاعلكم انتظروا المزيد ...