أهم قواعد الدعوة الإسلامية ( 2 ) قاعدة حسن الأخلاق ( 2 ) ***

قاعدة الأخلاق:
وهى فى اللغة : جمع خُلق والخُلق بضم اللام وسكونها الدين هو الطبع والسجية .
وفى الاصطلاح : هيئة راسخة فى النفس تصدر الأفعال بسهولة ويسر فى غير حاجة فكر وروية وهى مجموعة من الصفات المستقرة فى النفس فى ضوئها يحن الفعل فى نظر الإنسان فيقدم عليه أو يقبح فيحجم عنه " 1 " .
فالأخلاق : مجموعة من المعانى المستقرة فى النفس تحسن الفعل أو تقبحه ولذلك فإن سلوك أى إنسان تحكمن أخلاقه وتضبطه صفاته فما كان مستقراً من الصفات فى القلب ظهر أثره على الجوارح قال الشاعر :وإذا حلت الهداية قلباً نشطت فى العبادة الأعضاء
وإذا تغيرت الصفات النفسية ظهر ذلك بوضوح على الجوارح " 2 " , قال تعالى : (... إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم... ) " 3 " .
ولقد ركز الإسلام على هذه القاعدة أيما تركيز بل مدح الله نبيه محمداً – صلى الله عليه وسلم – بهذه الصفات فقال تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) " 4 " ، ولذلك بينها الرسول – صلى الله عليه وسلم – حين قال : ( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) " 5 " وقال لأبى ذر – رضى الله عنه – ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخُلق حسن ) " 6 " ، ولصاحب الخُلق علامات كثيرة منها :
1 – أن يكون كثير الحياء . 2- أن يكون قليل الأذى .
3 – أن يكون كثير الإصلاح . 4 – أن يكون صدوق اللسان .
5 – أن يكون كثير العمل . 6 – أن يكون قليل الكلام .
7 – أن يكون قليل الذلل . 8 - أن يكون قليل الفضول .
9 – أن يكون براً وصولاً . 10 – أن يكون وقوراً صبورا .
11 – أن يكون شكوراً رضيا .
12 – أن يكون حليماً وفيقا ..فهذا هو حسن الخلق " 7 " .
* أهمية الجانب الخلقى :
***************************
لا نجاح للدعوى ولا توفيق فى التعامل مع الآخرين بدون هذا الأصل المتين فإن له أهمية عظيمة فى حياة الدعوة والداعية إذ بدونه تصبح الدعوة قليلة الفائدة ضعيفة الأثر ولمزيد من التأكيد على أهمية هذا الجانب الأخلاقي فى حياة الداعية سوف أذكر هذه الحقائق :
1 – إن تعلق المدعوين بأحوال الداعية أقوى من تعلقهم بكلامهم بل إنه قد لا يتكلم كثيراً ولكن أخلاقه وسيرته تجعل الدعوة تنتشر بأقل مجهود يبذل قال لقمان الحكيم لابنه : " إن العالم يدعو الناس إلى علمه بالصمت والوقار " 8 ".
2 – عندما يتخلق الداعية بما يدعو الناس إليه من خير يجعل دعوته لها حرارة وحيوية لأنها تخرج من قلب منفعل بها ويعبر عنها لسان صادق اللهجة فيها، وبذا تتأثر بكلامه القلوب وتنفعل بصدق حديثه النفوس بعكس ما لو عُرى عن الأخلاق الحسنة وجاء يدعوا الناس إليها ، فأن دعوته مهما كان فصيح اللسان بليغ العبارات لا تعدوا أن تكون حرثاً أو نفخاً فى رماد وبذا يزول أثرها ولا يدوم نفعها , يقول مالك بن دينار : " إن العالم إذا لم يعمل بعلمه ذلت موعظته عن القلوب كما يذل القطر عن الصفا " 9 " , وسئل الحسن البصرى – رحمه الله - : " ما بالنا نعظ الناس فنبكيهم وأنت تعظ الناس فتبكى ؟ فقال : ليس النائحة كالثكلى " 10 " .
3 – أن صلاح الفرد فى ذاته دافعه ما يتمسك به من أخلاق يقول أبو حامد الغزالى : " كل من أراد النجاة لا نجاة له إلا بالعمل الصالح , ولا تصبر الأعمال الصالحة إلا عن الأخلاق الحسنة " , ويستنتج من هذا أن صلاح الداعية فى خلقه طريق إلى إصلاح نفسه وإن فساده فى خلقه طريق إلى فساده فى كله " 11 " .

**********************************************************
*** يمكن التراسل الفورى مع كاتب المقال عبر اسكاى بى
على العنوان التالى: dr.mokhairi
*****************************************************
الهوامش :
1 – النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن ا؟لأثير باب الخاء مع القاف مادة " خلق " ط / الحلبى بمصر , إحياء الكتب العربية .
وإحياء علوم الدين للإمام الغزالى , ج 3 ص 53 ط / المكتبة المكتبة التجارية الكبرى بالقاهرة بدون سنة طبع
2 – الدعوة الإسلامية فى أم القرى وما حولها ، ا د / مصطفى إبراهيم الدميرى – طبعة دار الصفا – القاهرة –
عام 1412 هـ , ص :91 , 92 ط 1 .
3 – سورة الرعد الآية 11 .
4 – سورة القلم الآية 4 .
5 – رواه البيهقى فى كتاب : الشهادات ، باب : بيان مكارم الأخلاق ومعاليها , حديث رقم / 21301 .
6 – أخرجه الترمذى فى كتاب : البر والصلة ، باب : ما جاء فى معاشرة الناس ،حديث رقم / 2115 .
7 – إحياء علوم الدين ، أبو حامد الغزالى جـ 3 ، ص : 107 ، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع ، عام 1992 م .
8 – جامع بيان العلم وفضله ، لابن عبد البر جـ 1 ص : 140 .
9 – إحياء علوم الدين ، جـ 1 ص : 107 ، أبو حامد الغزالى ، طبعة دار الشعب عام .
10 – هداية المرشدين ، على محفوظ ، ص : 145 ، طبعة دار الاعتصام عام .
11 – أخلاق الدعاة إلى الله – النظرية والتطبيق ، د / طلعت محمد عفيفى سالم ، ص : 20 بدون .