السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حياكم الله إخوتنا أخواتنا في الله

سررنا بوجودكم بين جنبات منتديات جميعة العلماء المسلمين الجزائريين - شعبة بلدية التلاغمة -
تفضل أخي / تفضلي اختي بالدخول أوالتسجيل حتى نفيد ونستفيد معا ولا تحرمونا من رفقتكم الطيبة في الله
صلوا على الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -
مدير المنتدى أ.عبد الحفيظ بولزرق
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حياكم الله إخوتنا أخواتنا في الله

سررنا بوجودكم بين جنبات منتديات جميعة العلماء المسلمين الجزائريين - شعبة بلدية التلاغمة -
تفضل أخي / تفضلي اختي بالدخول أوالتسجيل حتى نفيد ونستفيد معا ولا تحرمونا من رفقتكم الطيبة في الله
صلوا على الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -
مدير المنتدى أ.عبد الحفيظ بولزرق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى كل الأنشطة الجمعوية للشعبة و التبادلات العلمية و العلم المنير
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دروس في التثبيت و التثبيط

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ساجدة لله
مشرف متميز
مشرف متميز
ساجدة لله


انثى عدد الرسائل : 218
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا
المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 14/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: دروس في التثبيت و التثبيط   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالخميس مايو 21, 2009 10:40 pm

دروس في التثبيت و التثبيط 2101321199182092



الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته إلي يوم الدين.

الثبات على الهدى مطلب عزيز منشود، لأن به سعادة المرء في الدنيا والآخرة، وقد ذم الله تعالى المنافقين لتذبذبهم وعدم ثباتهم على الهدى فقال عز وجل: (مذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً)[النساء: 143]، ومدح عباده المؤمنين بثباتهم على الحق فقال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن َقضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)[الأحزاب: 23]. ولما كان الثبات على الدين غاية عظيمة عزيزة أكثر النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بأن يديم الله عليه نعمة الثبات على الحق فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا قَالَ نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ"([i]) فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يلح على الله تعالى ويكثر من الدعاء بالثبات فما عسى غيره أن يفعل، لا شك أنه للدعاء بالثبات أحوج وأفقر.
وقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يثبتوا على الهدى حتى يلاقوه فقال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]. أي أثبتوا على الإسلام حتى يأتيكم الموت وأنتم عليه، وما أمر الله تعالى العباد بالثبات إلا لأنه الفيصل الذي يحدد المصير سعادة وشقاء، فكم من مسلم فتن بعد إسلامه فارتد عنه ومات على الكفر فكان من الأشقياء.
وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)[الحجر: 99].
أي أثبت على عبادة ربك تفرغ من طاعة فتنصب في أخرى حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك فإن كان هذا الأمر الإلهي للنبي عليه الصلاة والسلام بالثبات على العبادة والدوام على الطاعة حتى يلقى الله تعالى راضيا مرضيا فغيره بهذا الأمر أولى ممن لا يقارن إيمانه وثباته بإيمان النبي صلى الله عليه وسلم وثباته، والخطاب وإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم غير أن الأمة مخاطبة به فإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، والناظر إلى حياة السلف الصالح يراهم قد امتثلوا هذا الأمر الكريم فكانت حياتهم كلها عبادة لله تعالى حتى لقوا ربهم رضين مرضيين.
وقد كان الثبات حتى الممات أمنية الأنبياء نلحظ ذلك في دعواتهم وتضرعهم إلى الله تعالى فعلى سبيل المثال أخبر الله جل وعلا عن نبيه يوسف عليه السلام فقال: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِر السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ)[سورة يوسف: 101] فيوسف عليه السلام يسأل الله تعالى أن يتوفاه مسلما أي أن يثبته على الإسلام حتى يلقاه.
وأخبر الله تعالى عن إبراهيم الخليل عليه السلام أنه قال وهو يتضرع إلى الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ)[إبراهيم: 35]، فإبراهيم إمام الحنفاء يلجأ إلى الله ليجيره من الرجوع إلى الشرك وعبادة غيره عز وجل بعد أن هداه الله إلى الإسلام، وفحوى هذه الدعوى بلا شك أن يثبته الله تعالى على الدين فلا يزيغ عنه، وتزل قدمه بعد ثبوتها.
وأخبر الله تعالى عن نبيه سليمان عليه السلام أنه دعا الله تعالى أن يدخله في الصالحين ويلحقه بهم فقال: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[النمل: 15].
فسأل الله تعالى أن يدخله في الصالحين ولا يكون ذلك إلا بالثبات على دربهم والسير في طريقهم وأخبر الله تعالى عن وصيا أنبيائه الكرام لأممهم وذرياتهم فقال عز من قائل: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[البقرة: 132].


حاجتنا للثبات:
إن المسلم ينبغي أن يهتم لأمر خاتمته وأن يكون في خوف من أن توافيه المنية وقد تزحزح قلبه عن الدين القويم الذي لا ينجو عند الله إلا من أتى به، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يحذر أصحابه سوء الخاتمة ويحرضهم على الثبات حتى الممات من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا"([ii])
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ يَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ ثُمَّ يَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ ثُمَّ يَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا"([iii])








------------------------------------------

([i]) أخرجه الترمذي، 8/29، (2066).
([ii]) أخرجه مسلم، 1/279، (169).
([iii]) الترمذي، 8/23، (2063).


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadjidalillah.blogspot.com/
ساجدة لله
مشرف متميز
مشرف متميز
ساجدة لله


انثى عدد الرسائل : 218
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا
المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 14/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في التثبيت و التثبيط   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالخميس مايو 21, 2009 10:44 pm


فالله تعالى يقضي بما شاء ويفعل ما يريد، فكم من طائع لله عز وجل قد تبدل حاله إلى المعصية وكم من مؤمن تبدل حاله إلى الكفر وكم من متبع صار مبتدعا، والمعصوم من عصمه الله تعالى قال الطحاوي رحمه الله: "يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره آمنا بذلك كله وأيقنا أن كلا من عنده"([iv])
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَجَعَلَ ذُبَابَةَ سَيْفِهِ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْرِعًا فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ قُلْتَ لِفُلَانٍ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِنَا غَنَاءً عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا جُرِحَ اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ"([v])

ومن تأمل حال إبليس عليه لعنة الله وتبدل أمره من طائع يعبد الله تعالى مع ملائكته الكرام إلى أفسق الفاسقين وإمام الضالين وخطيبهم في نار جهنم والعياذ بالله لعلم أن التثبيت غاية عزيزة ومطلب غال.
وكم يزاد عن الحوض من أمة محمد أقوام لأنهم لم يثبتوا على ما تركهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أحدثوا بعده.
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بشدة التمسك بهديه ليكون ذلك سببا في ثباتهم على الدين قَالَ الْعِرْبَاضُ رضي الله عنه: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا فَقَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"([vi]).

فالثبات وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام، وذلك مفهوم أمره لهم بالتمسك بسنته والبعد عن البدع والمحدثات، وكم لقن الله تعالى عباده المؤمنين في كتابه الدعاء بالثبات على الحق فقال: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)[آل عمران: 8].

بل إن الله تعالى فرض على عباده أن يسألوه الثبات في كل صلاة وذلك عند قراءة الفاتحة التي بين ثنايها قوله تعالى: (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)[الفاتحة: 6]، هذه الآية يقرأها المصلي وهو يقف بين يدي الله تعالى، فأي هداية يسألها المصلي ياترى تفوق الوقوف بين يدي الله حقيرا متذللا للعزيز الجبار؟ إن الهداية المطلوبة في هذه الآية هي التثبيت عليها بعد حصولها.
وقد حرض الله تعالى عباده للثبات على دينه وذلك بمدحه عز وجل الثابتين على الدين في قوله: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23].

وذم المنافقين المتذبذبين فقال عز وجل: (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء َلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً)[النساء: 143].


والخلاصة أن الثبات هو طريق الخلاص في الدنيا والآخرة، فبه يتحدد مصير العبد سعادة وشقاء، وبقدر ثبات الإنسان في الدنيا على الحق يكون ثباته على الصراط يوم القيامة، فحري بالمسلم أن يهتم بمصيره فما ثم دار غير الجنة أو النار

.




... يتبع

-------------------------------------------
([iv]) متن العقيدة الطحاوية.
([v]) أخرجه البخاري، 20/274، (6117).
([vi]) أخرجه أبو داود، 12/211، (3991).


عدل سابقا من قبل ساجدة لله في الخميس مايو 21, 2009 10:47 pm عدل 1 مرات (السبب : ...)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadjidalillah.blogspot.com/
ساجدة لله
مشرف متميز
مشرف متميز
ساجدة لله


انثى عدد الرسائل : 218
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا
المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 14/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في التثبيت و التثبيط   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالخميس مايو 21, 2009 10:49 pm


دروس في التثبيت و التثبيط Ebadatmar2a0016
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadjidalillah.blogspot.com/
sadjid84
عضو متألق
عضو متألق
sadjid84


ذكر عدد الرسائل : 199
العمر : 40
العمل/الترفيه : Dr vétérinaire
المزاج : sérieux
البلد : : الجزائر / التلاغمة
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 29/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في التثبيت و التثبيط   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالجمعة مايو 22, 2009 12:11 am

دروس في التثبيت و التثبيط Islamup.com-21412fca34
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ساجدة لله
مشرف متميز
مشرف متميز
ساجدة لله


انثى عدد الرسائل : 218
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا
المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 14/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: ...تابع   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالأحد مايو 24, 2009 4:24 pm

حاجتنا إلى التثبيت:

لما كان الثبات غاية عزيزة كان من أهم أوجه التعاون بين المسلمين إعانة بعضهم بعضا في الوصول إليها، وذلك بتثبيت بعضهم بعضا بالقول والعمل، ومن أبرز مظاهر تثبيت المسلمين لبعضهم على الدين ما يلي:

أولاً الزكاة:

وهي من أهم أركان الإسلام تأخذ من مواردها وتودع في مصادرها ومن مصادرها إعانة المسلمين على الثبات على الدين وذلك في بند المؤلفة قلوبهم، ومن المؤلفة قلوبهم قوم دخلوا الإسلام ولكن لم يتمكن الإسلام من نفوسهم ولم يستقر في قلوبهم فيدفع المسلمون من أموالهم وكدهم وعرقهم لإخوانهم المؤلفة قلوبهم ما يثبت به على الحق أفئدتهم ويقوي إيمانهم، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ ِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[التوبة: 60].

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفق بلا حساب على المؤلفة قلوبهم ليثبتهم على الإسلام، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا أَعْطَى الْأَقْرَعَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَعْطَى نَاسًا"([vii]) وعَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ قَالَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ"([viii]) ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في إنفاقه ليثبت الناس على الدين إلا كما قال القائل:

تراه إذا ما جئته متهللا ** كأنك تعطيه الذي أنت سائله
تعود بسط الكف حتى لو أنه ** أراد انقباضا لم تطعه أنامله
ولو لم يكن في كفه غير نفسه ** لجاد بها فاليتق الله سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته ** فلجته المعروف والجود ساحله


وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن التثبيت غاية عظيمة تهون من أجلها الأموال بل المهج والأرواح ولذا لم يبخل صلى الله عليه وسلم بشيء من أجل الوصول إليها، ولم يتردد في البذل من أجل أن ينعم بها في نفسه وينعم بها إخوانه وأتباعه.

ثانياً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم مظاهر تثبيت المسلم لأخيه على الهدى ودين الحق، فالمسلم لا يكتفي بأن يكون ثابتا على الهدى فحسب بل همه وغايته أن يعين على الهدى غيره ويثبت على الحق إخوانه، بل إن الله تعالى توعد بالعقاب الأليم من قصر في هذا الواجب، واجب الأخذ بأيدي المسلمين فعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ"([ix])،

فهذا العقاب الأليم لمن قصر في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك إخوانه يتخبطون في الضلال.
وقد تهدد الله المجتمع الذي لا يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يأخذ أفراده بعضهم بيد بعض للثبات على أوامر الله امتثالا ونواهيه اجتنابا بالهلاك قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)[هود: 117]. ولم يقل الله تعالى وأهلها صالحون إذ لا يكفي أن تكون صالحا ثابتا على الدين بل يجب أن تكون مصلحا أي مثبتا غيرك عليه.

وفي الحديث عنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"([x])

فالهلاك ليس مدفوعا بوجود الصالحين بل بوجود المصلحين الذين يقومون بواجب الأمر بالمعروف والله عن المنكر وهو صورة واضحة من صور التثبيت على الدين.
ومن هذه الآثار التي تعلق على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -والذي هو من التثبيت على دين الله- العقاب الشديد والهلاك المحقق نستطيع القول أن تثبيت المسلم إخوانه على الهدى فريضة يثاب على فعلها ويعاقب على تركها، بل إن عقوبة تركها معجلة في الدنيا قبل الآخرة وثواب القيام بها معجل في الدنيا قبل الآخرة.



------------------------------
([vii]) البخاري، 13/230، (3991).
([viii]) مسلم، 11/،447،(4275).
([ix]) الترمذي، 8/75، (2095).
([x]) أخرجه البخاري، 11/133، (3097)، ومسلم، 14/48، (5128).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadjidalillah.blogspot.com/
ساجدة لله
مشرف متميز
مشرف متميز
ساجدة لله


انثى عدد الرسائل : 218
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا
المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 14/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: ...تابع   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالأحد مايو 24, 2009 4:38 pm

ثالثاً الجهاد في سبيل الله:

بلغ من حرص الشريعة على تثبيت المسلمين بعضهم بعضا على الدين أن ينصر المسلم أخاه الذي يتعرض لخطر زوال نعمة الثبات على الدين، فلا يكتفي بنصره بكلامه أو نصره بماله فقط بل ينصره بسيفه وسنانه، ويضحي بنفسه ويجود بمهجته في سبيل تثبيت أخيه، قال الله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)[النساء: 75]،
وقال الله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[الأنفال: 39]، قال ابن عمر رضي الله عنهما: " قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَلِيلًا فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إِمَّا يَقْتُلُونَهُ وَإِمَّا يُوثِقُونَهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ"([xi]) فهذا تصريح من ابن عمر رضي الله عنهما أن قتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كان من أهدافه العظيمة إزالة الفتنة عن المسلمين المستضعفين الذين يتهددهم خطر الردة عن الدين بسبب التعذيب والتنكيل.
ولما ارتد بعض الناس عن الإسلام في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه سير الجيوش لقتالهم وحربهم وما ذلك إلا تثبيتا لهم على الدين، فبتلكم الحرب التي شنها عليهم كان أبو بكر رضي الله عنه يحملهم حملا على الثبات ويصرفهم صرفا عن تنكب الصراط المستقيم.
ونلحظ هذا المعنى في قتل المرتد الذي من حكمه تثبيت غيره على الإسلام، فقد كان بعض أهل الكتاب يدخلون في الدين ثم يخرجون منه زعما أنهم وجدوا ما يأخذونه عليه وذلك ليشككوا المسلمين في دينهم فيتخلوا عنه ويتركوه، قال الله تعالى: (وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[آل عمران: 72]، فجاءت الشريعة بقتل المرتد حتى تسد الباب على المشككين في الدين الذين يريدون زعزعت إيمان المؤمنين، قال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ"([xii]).

فقتل المرتد الذي فيه إزهاق الروح كان سائغا لما كان سببا للثبات على دين الله تعالى، وقتل الأنفس في الجهاد كان حسنا يثاب عليه لما كانت الغاية منه التثبيت على دين الله تعالى، وليس ذلك لأن النفس رخيصة ولا لأن ثمن الروح زهيد ولكن لأن الثبات أغلى منها فهانت في سبيله وسهلت من أجله، وقد أخبر المولى جل وعلا أن تعريض المسلم لخطر الكفر أشد من قتله قال الله تعالى في محكم تنزيله: (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ)[البقرة: 191]، وقال عز من قائل: (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ)[البقرة: 217]، فأكبر وأشد من سفك الدماء الموت على الكفر، لأن سفك الدماء غاية ما فيه خسران الدنيا أما الفتنة في الدين فغايتها خسران الآخرة والله تعالى يقول في كتابه: (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)[الأعلى: 17]، ويقول عز وجل: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى)[الضحى: 4].

إن الحاجة إلى التثبيت لا تقتصر على مسلم دون غيره، فكل شرائح المجتمع المسلم في حاجة إلى التثبيت، فالعالم محتاج إليه والعامي كذلك، بل إن الأنبياء والرسل في حاجة إلى التثبيت قال الله تعالى لأفضل رسله صلى الله عليه وسلم: (وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ رْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا)[الإسراء: 73-75].

وقال الله تعالى مخطبا نبيه صلى الله عليه وسلم كذلك: (وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)[هود: 120]، وقال الله تعالى له: ( كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا)[الفرقان: 32]، فإن كان خير الرسل في حاجة لتثبيت الله عز وجل فغيره إلى التثبيت أحوج وأفقر.

ونحن في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن واستشرى فيه الفساد بحاجة أمس من الأولين لما يثبتنا على الدين ويربط على قلوبنا فلا نزيغ عنه، وكلما كانت الحاجة إلى التثبيت أشد وكلما قل المثبت على الدين كان أجر التثبيت أعظم وأجزل.


فوائد وآثار كلمات التثبيت:
كلمات التثبيت نعني بها الكلمات التي كانت سببا في الثبات، بها ربط الله على الأفئدة، وثبت القلوب على الهدى، وهي كلمات قد يكون قائلها من تعرض لموقف يحتاج فيه الي التثبيت، أو يكون قائلها غيره وكانت سببا في ثباته، ومن فوائد وآثار كلمات التثبيت ما يلي:

أولا: كلمات التثبيت التي تصدر من المسلم فيثبت الله تعالى بها أخاه على الحق فيها أداء لحق المسلم على أخيه، فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"([xiii])

وأي خذلان أعظم من أن يبخل المسلم على أخيه بكلمة ينفعه الله تعالى بها ويثبت بها قلبه على الهدى، ولذا كانت أخبار السلف زاخرة بكلمات التثبيت التي سطرها لهم التاريخ بأحرف من نور.
ثانيا: في أداء واجب التثبيت قيام بحق الأمة كلها، فكم كان ثبات بعض الأشخاص ثباتاً للأمة كما هو الحال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الذي كان ثباته ثباتاً للأمة بعده فمن قام بواجب تثبيته من العلماء إنما أدوا بذلك التثبيت حقاً للأمة كلها وثبت الله بهم المسلمين أجمعين على مر العصور فقد كان ثبات الإمام أحمد سببا في إخماد فتنة خلق القرآن.
فالأمة كلها تصطف خلف إمام من الأئمة أو علم من الأعلام في بعض المواطن فإن ثبت ثبتت بثباته وإن زل زلت معه، ومن كان للإمام الذي في طليعة الأمة ناصحاً مثبتاً انعكس نصحه وتثبيته على الأمة فكان ثواب ذلك ثواب تثبيت أمة على الهدى وأعظم به من أجر وأجزل به من ثواب.
ثالثاً: في تثبيت المسلم لأخيه على الهدى مواساة له في محنه، وإشعاره بأن إخوانه يعيشون آلامه ويتألمون لمصابه وبهذا يتحقق الحديث الشريف الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ"([xiv])

ويقول عليه الصلاة والسلام: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى"([xv])



... يتبع

------------------------------------
([xi]) أخرجه البخاري، 14/201، (4283).
([xii]) أخرجه البخاري، 10/211، (2794).
([xiii]) أخرجه البخاري، 8/309، (2262)، ومسلم، 12/458، (4677).
([xiv]) أخرجه البخاري، 2/289، (459)، ومسلم، 12/467، (4684).
([xv]) أخرجه مسلم، 12/468، (4685).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadjidalillah.blogspot.com/
ساجدة لله
مشرف متميز
مشرف متميز
ساجدة لله


انثى عدد الرسائل : 218
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا
المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 14/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: تابع   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالخميس يونيو 04, 2009 3:00 pm

رابعاً: من فوائد كلمات التثبيت أن الله تعالى يثبت بها من أريد تثبيته، فكم من متردد في طريق الحق شجعته كلمات التثبيت، وكم من ساكت على الحق أنطقته كلمات التثبيت، فلكمات التثبيت الصادقة آثارها الملموسة في تثبيت القلوب والربط على الأفئدة.
وكم من عالم صرح بعد انجلاء محنته بأن كلام فلان أو نصيحة فلان أو مشورة فلان لها أثرها في تثبيتي وأن عباراته ما زالت ترن في أذني، وأن كلماته الصادقة دخلت في جناني.
خامسا: الجزاء من جنس العمل، من ثبت أخاه على الهدى ثبته الله ومن نصر مسلما نصره الله ومن أعان مسلما على أمر دينه أعانه الله تعالى على أمر دينه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ([xvi])

فمن ثبت أخاه ثبته الله على الحق، والجزاء من جنس العمل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ"([xvii])

سادسا: إن في كلمات التثبيت إبطال لكيد الشيطان، فالشيطان يعمل على تشكيك المسلم في دينه وزعزعت قناعته في الحق الذي هو عليه، وكلمات التثبيت تذهب عن المسلم رجس الشيطان ووساوسه.

سابعا: كلمات التثبيت من الكلم الطيب الذي يصعد إلى الله تعالى ويثيب الله تعالى قائلها أجزل الثواب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ"([xviii])

ثامنا: كلمات التثبيت شجرة طيبة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فهي دائم النفع غير مقتصرة على زمان، بل تتجاوز الزمان الذي قيلت فيه والأشخاص الذين قيلت لهم، وقد حفظ التاريخ كثيرا من كلمات التثبيت التي اعتبر بها الناس بعد قرون من الزمان الذي قيلت فيه وكانت غضة طرية تعمل عملها في القلوب والأفئدة من ذلك الكلمات التي قيلت للإمام أحمد وصارت هاديا ودليلا لمن بعده ومن وقف مثل موقفه ينتفع بها فيسجل الله الأجر والثواب لقائلها الأول كلما انتفع بها منتفع أو اعتبر بها معتبر.

تاسعا: المشاركة في أجر الثبات، إن كلمات التثبيت التي يثبت الله سبحانه وتعالى بها سامعها يكتب فيثبت على الحق ويصبر على ما يلاقيه في سبيل الله من الأذى يكتب الله تعالى أجر جهاده وصبره وثباته لمن ثبته وأعانه بما قال على الصبر وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا"([xix])

فمن ثبت مسلما على الحق كان مشاركا له في مواقفه التي هي من نتائج ذلك التثبيت، لأنه بتثبيته دعا إلى هدى فله مثل أجره دون أن ينقص من أجر أخيه شيئا.



------------------------------------
([xvi]) أخرجه مسلم، 13/212، (4867).
([xvii]) أخرجه أبو داود، 13/28، (4240).
([xviii]) أخرجه البخاري، 20/119، (5997).
([xix]) أخرجه مسلم، 13/164، (4831).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadjidalillah.blogspot.com/
ساجدة لله
مشرف متميز
مشرف متميز
ساجدة لله


انثى عدد الرسائل : 218
العمر : 37
العمل/الترفيه : طالبة جامعية // دراسات عليا
المزاج : http://sadjidalillah.blogspot.com/
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 14/10/2008

دروس في التثبيت و التثبيط Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في التثبيت و التثبيط   دروس في التثبيت و التثبيط I_icon_minitimeالخميس يونيو 04, 2009 3:09 pm

التثبيت مواقـــــــــــــــــــف وكلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات:


هنا عرض مواقف كانت لكلمات التثبيت فعلها في النفوس، فربط الله بها على القلوب، وثبت بها الأفئدة والأقدام وأذهب بها وسوسة الشيطان وكيده.

الموقف الأول:

ومن أهم مواقف التثبيت هذه موقف خديجة رضي الله عنها لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم عائدا من غار حراء وقد أتاه الوحي أول مرة، وإليك القصة كما في كتب الحديث

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: "أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ"([xx])


كان موقفا صعبا، يحتاج فيه النبي صلى الله عليه وسلم لموقف حكيم من قريب كزوجته الوفيه، محمد صلى الله عليه وسلم ينتقل إلى مقام النبوة، ويشاهد فيه الملك المهيب نهارا جهارا، ويتلقى فيه قول الله تعالى الثقيل، كان اللقاء الأول مع جبريل لقاء فيه من الشدة ما لا يخفى لينتبه الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى هول ما هو مقدم عليه، أن الأمر جد خطير، وليس مجرد نزهة، أو حلم يقظة عن قريب سينقشع، لا يا محمد، أنت في عين الحقيقة فاقرأ قال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ، بدأ اللقاء بأمر، لم يخطر على باله، ولم يتوقعه، كيف يطلب منه القراءة وهو لم يفك الخط بعد، هل جربت ذلك أن تقول لصغيرك الذي لم يدخل المدرسة اقرأ مهددا متوعداً؟ تأمل الرعب في عين الصغير، والحيرة والدهشة التي تعلو جبينه، كل هذا وهو يعرفك ويعرف أنك والده الرحيم به وأنك تعرف أنه لا يقرأ ولا يكتب لأنه لم يلتحق بالمدرسة بعد، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف من قبل محدثه، ولا يعرف أرحيم هو أم لا، كما لا يعرف أنه مكشوف لدى هذا السائل وأنه يعرف عدم معرفته للقراءة، وهو ليس في بيته ولا في الجو الأسري الذي يخيم عليه الود والأمان بل هو على رأس جبل، كل ما حوله يدعوه للخوف خوف لم يملك معه إلا أن يقطع تلك الخلوة التي بدأها ليعود إلى دفء الأسرة يطلب عندها الأمان، فيسخر الله تعالى له الحجر الحاني والكف الذي يربت عليه ويهمس في أذنه بكلمات، يا محمد كلا والله لن يخزيك الله أبدا، وليس هذا التطمين مجاملة بل له ما يسوغه إنك لتصل الرحم وتغري الضيف وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق،

ما أروعها من كلمات وما أجملها من أوصاف وما أصدقها من عبارات دخلت القلب فسرت فيه سريان النور في الظلام لا النار في الهشيم، طردت الخوف، وثبتت الفؤاد ووقف النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع هذا الثناء العاطر، الذي حل على قلبه كالسحاب الماطر، فأنعش روض الصبر فيه، إن كلمات الثبات قد تكون ثناء صادقا.


فقط ذكَّر أخاك في موطن يخشى فيه تزعزعه بموقف حق وقفه، أو خصلة جميلة فيه، أو عمل صالح قدمه، وذكَّره بالله الذي لا يمكر بأوليائه المحسنين بل يمكر لهم، ولا يترك من أحسن وبر وصدق لأنه يحب المحسنين، أتراه يترك أحبابه، حاشاه.



... يتبع باذن الله بمواقف اروع



-----------------------------------
([xx]) أخرجه البخاري، 1/5، (3)، ومسلم، 1/381، (231).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://sadjidalillah.blogspot.com/
 
دروس في التثبيت و التثبيط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حمل من أناشيد النصرة و التثبيت
» مراجع الإمام بن باديس رحمه الله في دروس التفسير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: باحة الدعوة و قضايا الأمة :: قضايا الدعوة :: منتدى الداعيات-
انتقل الى: